للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْدَرِجُونَ هُمْ فِي الصَّابِرِينَ. وَنَحْوُهُ: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ «١» وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى «٢» وَلَمَّا خُيِّرَ الْمُخَاطَبُونَ فِي الْمُعَاقَبَةِ وَالصَّبْرِ عَنْهَا عَزَمَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَهُوَ الصَّبْرُ، فَأُمِرَ هُوَ وَحْدَهُ بِالصَّبْرِ. وَمَعْنَى بِاللَّهِ: بِتَوْفِيقِهِ وَتَيْسِيرِهِ وَإِرَادَتِهِ. وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِمْ يَعُودُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَكَذَلِكَ فِي يَمْكُرُونَ كَمَا قَالَ: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «٣» وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْقَتْلَى الْمُمَثَّلِ بِهِمْ حَمْزَةَ، وَمَنْ مُثِّلَ بِهِ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فِي ضَيْقٍ بِفَتْحِ الضَّادِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: بِكَسْرِهَا، وَرُوِيَتْ عَنْ نَافِعٍ، وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ كَالْقِيلِ وَالْقَوْلِ عِنْدَ بَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بِفَتْحِ الضَّادِ مُخَفَّفٌ مِنْ ضَيِّقٍ أَيْ: وَلَا تَكُ فِي أَمْرٍ ضَيِّقٍ كَلَيْنٍ فِي لَيِّنٍ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ الضَّيْقُ لُغَةً فِي الْمَصْدَرِ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُخَفَّفًا مِنْ ضَيِّقٍ لَزِمَ أَنْ تُقَامَ الصِّفَةُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ إِذَا تَخَصَّصَ الْمَوْصُوفُ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذَلِكَ، وَالصِّفَةُ إِنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ إِذَا تَخَصَّصَ الْمَوْصُوفُ مِنْ نَفْسِ الصِّفَةِ كَمَا تَقُولُ: رَأَيْتُ ضَاحِكًا، فَإِنَّمَا تُخَصِّصُ الْإِنْسَانَ. وَلَوْ قُلْتَ: رَأَيْتُ بَارِدًا لَمْ يَحْسُنْ، وَبِبَارِدٍ مِثْلَ سِيبَوَيْهِ وَضَيِّقٌ لَا يُخَصِّصُ الْمَوْصُوفَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ زَيْدٍ: إِنَّ مَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ مَنْسُوخٌ، وَمَعْنَى الْمَعِيَّةِ هُنَا بِالنُّصْرَةِ وَالتَّأْيِيدِ والإعانة.


(١) سورة الشورى: ٤٢/ ٤٠.
(٢) سورة البقرة: ٢/ ٢٣٧.
(٣) سورة المائدة: ٥/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>