الزَّبُورِ أَنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ أُمَّتَهُ خَيْرُ الْأُمَمِ. وَقَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «١» وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَرْجِعُ إِلَى الْيَهُودِ كَثِيرًا فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ مِمَّا فِي كُتُبِهِمْ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ زَبُورَ دَاوُدَ تَضَمَّنَ الْبِشَارَةَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةُ رَدٍّ عَلَى مُكَابِرِي الْيَهُودِ حَيْثُ قَالُوا: لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُوسَى وَلَا كِتَابَ بَعْدَ التَّوْرَاةِ، وَنَصَّ تَعَالَى هُنَا عَلَى إِيتَاءِ دَاوُدَ الزَّبُورَ وَإِنْ كَانَ قَدْ آتَاهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُلْكَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ التَّفْضِيلَ الْمَحْضَ هُوَ بِالْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُ، وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كَمَا فُضِّلَ محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِمَا آتَاهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ الَّذِي خَصَّهُ بِهِ. وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً فِي أَوَاخِرِ النِّسَاءِ وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِهَا.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُنَا: فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا عُرِّفَ الزَّبُورُ كَمَا عُرِّفَ فِي وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ قُلْتُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّبُورُ وَزَبُورٌ كَالْعَبَّاسِ وَعَبَّاسٍ وَالْفَضْلِ وَفَضْلٍ، وَأَنْ يُرِيدَ وَآتَيْنا داوُدَ بَعْضَ الزَّبُورِ وَهِيَ الْكُتُبُ وَأَنْ يُرِيدَ مَا ذُكِرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من الزَّبُورِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ زَبُوراً لِأَنَّهُ بَعْضُ الزَّبُورِ كَمَا سُمِّيَ بَعْضُ الْقُرْآنِ قُرْآنًا.
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نَزَلَتْ فِي عَبَدَةِ الشَّيَاطِينِ وَهُمْ خُزَاعَةُ أَسْلَمَتِ الشَّيَاطِينُ وَبَقَوْا يَعْبُدُونَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ وَأُمِّهِ، وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ زَيْدٍ وَالْحَسَنِ فِي عَبَدَةِ الْمَلَائِكَةِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَعُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ وَأُمِّهِ انْتَهَى. وَيَكُونُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ عَامًّا غُلِّبَ فِيهِ مَنْ يَعْقِلُ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ، وَالْمَعْنَى ادْعُوهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَكْشِفُوا عَنْكُمُ. الضُّرَّ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فَقْرٍ أَوْ عَذَابٍ وَلَا أَنْ يُحَوِّلُوهُ من واحد إلى وَاحِدٍ إِلَى آخَرَ أَوْ يُبَدِّلُوهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَدْعُونَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَتَادَةُ بِتَاءِ الْخِطَابِ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِيَاءِ الْغَيبَةِ مبنيا للمفعول، والمعنى
(١) سورة الأنبياء: ٢١/ ١٠٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute