للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَوْلُهُ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ. وقيل: هَذَا مَجَازٌ وَاسْتِعَارَةٌ بِمَعْنَى اسْعَ سَعْيَكَ وَابْلُغْ جُهْدَكَ انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ خَيْلٌ وَلَا رَجِلٌ وَلَا هُوَ مَأْمُورٌ إِنَّمَا هَذَا زَجْرٌ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُهَدِّدُهُ اذْهَبْ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَاسْتَعِنْ بِمَا شِئْتَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى اسْتِفْزَازِ إِبْلِيسَ بِصَوْتِهِ وَإِجْلَابِهِ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ؟ قُلْتُ: هُوَ كَلَامٌ وَارِدٌ مَوْرِدَ التَّمْثِيلِ مُثِّلَتْ حَالُهُ فِي تَسَلُّطِهِ عَلَى مَنْ يُغْوِيهِ بِمِغْوَارٍ أَوْقَعَ عَلَى قَوْمٍ فَصَوَّتَ بِهِمْ صَوْتًا يَسْتَفِزُّهُمْ مِنْ أَمَاكِنِهِمْ وَيُقْلِقُهُمْ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ، وَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ بِجُنْدِهِ مِنْ خَيَّالَةٍ وَرَجَّالَةٍ حَتَّى اسْتَأْصَلَهُمُ انْتَهَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَرَجِلِكَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ اسْمُ جمع واحده رَاجِلٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ وَحَفْصٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ بِمَعْنَى الرِّجَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ هِيَ صِفَةٌ يُقَالُ فُلَانٌ يَمْشِي رَجِلًا أَيْ غَيْرُ رَاكِبٍ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

رَجِلًا إِلَّا بِأَصْحَابِ وَقَالَ الزمخشري: وقرىء وَرَجِلِكَ عَلَى أَنْ فَعِلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ نَحْوَ تَعِبٍ وَتَاعِبٍ، وَمَعْنَاهُ وَجَمْعُكَ الرَّجُلَ وَتُضَمُّ جِيمُهُ أَيْضًا فَيَكُونُ مِثْلَ حَدِثَ وَحَدُثَ وَنَدِسَ وَنَدُسَ وَأَخَوَاتٌ لَهُمَا انْتَهَى. وَقَرَأَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ وَرِجَالِكَ. وقرىء: وَرُجِّلَ لَكَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْأَمْوَالِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مَا يَذْبَحُونَ لِآلِهَتِهِمْ وَقَتَادَةُ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ. وَقِيلَ: مَا أُصِيبَ مِنْ مَالٍ وَحَرَامٍ. وَقِيلَ: مَا جَعَلُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِغَيْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَا صُرِفَ فِي الزِّنَا وَالْأَوْلَى مَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ وَمَا وُضِعَ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْأَوْلَادِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

تَسْمِيَتُهُمْ عَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ اللَّاتِ وَعَبْدَ الشَّمْسِ وَعَبْدَ الحارث، وَعَنْهُ أَيْضًا تَرْغِيبُهُمْ فِي الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ. وَعَنْهُ أَيْضًا إِقْدَامُهُمْ عَلَى قَتْلِ الْأَوْلَادِ قَالَ الْحَسَنُ وقتادة. ما مَجَّسُوهُ وَهَوَّدُوهُ وَنَصَّرُوهُ وَصَبَغُوهُمْ غَيْرَ صِبْغَةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَدَمُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ فَالْجَانُّ يَنْطَوِي إِذْ ذَاكَ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَيُجَامِعُ مَعَهُ. وَقِيلَ تَرْغِيبُهُمْ فِي الْقِتَالِ وَالْقَتْلِ وَحِفْظِ الشِّعْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُحْشِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ فِي الْوَلَدِ يُؤَدِّي إِلَى ارْتِكَابِ مُنْكَرٍ وَقَبِيحٍ، وَأَمَّا وَعْدُهُ فَهُوَ الْوَعْدُ الْكَاذِبُ كَوَعْدِهِمْ أَنْ لَا بَعْثَ وَهَذِهِ مُشَارَكَةٌ فِي النُّفُوسِ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَعِدْهُمْ الْمَوَاعِيدَ الْكَاذِبَةَ مِنْ شَفَاعَةِ الْآلِهَةِ وَالْكَرَامَةِ عَلَى اللَّهِ بِالْأَنْسَابِ الشَّرِيفَةِ، وَتَسْوِيفِ التَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ بِدُونِهَا، وَالِاتِّكَالِ عَلَى الرَّحْمَةِ وَشَفَاعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِرِ وَالْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَصِيرُوا حَمِيمًا، وَإِيثَارِ الْعَاجِلِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>