للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً. وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً.

وَمُنَاسَبَةُ أَقِمِ الصَّلاةَ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ كَيْدَهُمْ لِلرَّسُولِ وَمَا كَانُوا يَرُومُونَ بِهِ، أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ وَأَنْ لَا يَشْغَلَ قَلْبَهُ بِهِمْ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالْمَعَادِ وَالنُّبُوَّاتِ، فَأَرْدَفَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالْمُوَاجَهُ بِالْأَمْرِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَاللَّامُ فِي لِدُلُوكِ قَالُوا: بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ بَعْدَ دُلُوكِ الشَّمْسِ كَمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي قَوْلِ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ يَرْثِي أَخَاهُ مَالِكًا:

فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا

أَيْ بَعْدَ طُولِ اجْتِمَاعٍ وَمِنْهُ كَتَبَتُهُ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ كَذَا. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: اللَّامُ لِلسَّبَبِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إِقَامَتُهَا لِأَجْلِ دُلُوكِ الشَّمْسِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَقِمِ الصَّلاةَ الْآيَةَ هَذِهِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِشَارَةٌ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ.

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو بُرْدَةَ وَالْحَسَنُ وَالْجُمْهُورُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ زَوَالُهَا، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَغَسَقُ اللَّيْلِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ أُرِيدَ بِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا تَعُمُّ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ.

وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ حِينَ زَالَتْ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ» .

وَرَوَى جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ طَعِمَ وَزَالَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: «اخْرُجْ يَا أَبَا بَكْرٍ فَهَذَا حِينَ دَلَكَتِ الشَّمْسُ» .

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ غُرُوبُهَا وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَغْرِبِ وغَسَقِ اللَّيْلِ ظُلْمَتُهُ فَالْإِشَارَةُ إِلَى الْعَتَمَةِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَلَمْ تَقَعْ إِشَارَةٌ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إِلَى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ انْتَهَى.

وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْغُرُوبُ،

وَتَتَعَلَّقُ اللَّامُ وَإِلَى بِأَقِمْ، فَتَكُونُ إِلَى غَايَةٍ لِلْإِقَامَةِ. وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: أَيْ مَمْدُودَةٌ وَيَعْنِي بِقُرْآنِ الْفَجْرِ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَخُصَّتْ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّهُ عِظَمُهَا إِذْ قِرَاءَتُهَا طَوِيلَةٌ مَجْهُورٌ بِهَا، وَانْتَصَبَ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ عَطْفًا عَلَى الصَّلاةَ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ: انْتَصَبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ وَآثِرْ قُرْآنَ الْفَجْرِ أَوْ عَلَيْكَ قُرْآنَ الْفَجْرِ انْتَهَى. وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِبَعْضِ مَا يَقَعُ فِيهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: سُمِّيَتْ صَلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>