التَّأْوِيلِ هُوَ فِي لَفْظَةِ حَسِبْتَ انْتَهَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ أَعَلِمْتَ أَيْ لَمْ تَعْلَمْهُ حَتَّى أَعْلَمْتُكَ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ذَكَرَ مِنَ الْآيَاتِ الْكُلِّيَّةِ تَزْيِينَ الْأَرْضِ بِمَا خَلَقَ فَوْقَهَا مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي لَا حَصْرَ لَهَا، وَإِزَالَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ قَالَ: أَمْ حَسِبْتَ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِصَّةِ أَهْلِ الْكَهْفِ وَإِبْقَاءِ حَيَاتِهِمْ مُدَّةً طَوِيلَةً انْتَهَى. وَقِيلَ: أَيْ أَمْ عَلِمْتَ أَيْ فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ كانُوا عَجَباً كَمَا تَقُولُ: أَعَلِمْتَ أَنَّ فُلَانًا فَعَلَ كَذَا أَيْ قَدْ فَعَلَ فَاعْلَمْهُ. وَقِيلَ:
الْخِطَابُ لِلسَّامِعِ، وَالْمُرَادُ الْمُشْرِكُونَ أَيْ قل لهم أَمْ حَسِبْتَ الْآيَةَ. وَالظَّنُّ قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْعِلْمِ، فَكَذَلِكَ حَسِبْتَ بِمَعْنَى عَلِمْتَ وَالْكَهْفُ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْ أَنَسٍ:
الْكَهْفُ الْجَبَلُ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا غَيْرُ مَشْهُورٍ فِي اللُّغَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَفْرِيجٌ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ هُمُ الْفِتْيَةُ الْمَذْكُورُونَ هُنَا. وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ كَانَ حَالُهُمْ كَأَصْحَابِ الْكَهْفِ. فَقَالَ الضَّحَّاكُ الرَّقِيمِ بَلْدَةٌ بِالرُّومِ فِيهَا غَارٌ فِيهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ نَفْسًا أَمْوَاتٌ كُلُّهُمْ نِيَامٌ عَلَى هَيْئَةِ أَصْحابَ الْكَهْفِ. وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْغَارِ
فَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الرَّقِيمَ قَالَ:
«إِنْ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ أَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ فَأَوَوْا إِلَى الْكَهْفِ فَانْحَطَّتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ» .
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيثُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَفِيفِ وَبَارِّ وَالِدَيْهِ، وَفِيمَا أَوْرَدَهُ فِيهِ زِيَادَةُ أَلْفَاظٍ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ. وَمَنْ قَالَ إِنَّهُمْ طَائِفَتَانِ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ أَصْحَابِ الرَّقِيمِ بِشَيْءٍ، وَمَنْ قَالَ: بِأَنَّهُمْ طَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفُوا فِي شَرْحِ الرَّقِيمِ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا الرَّقِيمِ أَكِتَابٌ أَمْ بُنْيَانٌ، وَعَنْهُ أَنَّهُ كِتَابٌ كَانَ عِنْدَهُمْ فِيهِ الشَّرْعُ الَّذِي تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ دِينِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: مِنْ دِينٍ قَبْلَ عِيسَى، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَهْبٍ أَنَّهُ اسْمُ قَرْيَتِهِمْ.
وَقِيلَ: لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ تَحْتَ الْجِدَارِ أَقَامَهُ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقِيلَ: كَتَبَ فِيهِ أسماؤهم وَقِصَّتَهُمْ وَسَبَبَ خُرُوجِهِمْ. وَقِيلَ:
لَوْحٌ مِنْ رَصَاصٍ كُتِبَ فِيهِ شَأْنُ الْفِتْيَةِ وَوُضِعَ فِي تَابُوتٍ مِنْ نُحَاسٍ فِي فَمِ الْكَهْفِ. وَقِيلَ:
صَخْرَةٌ كُتِبَ فِيهَا أَسْمَاؤُهُمْ وَجُعِلَتْ فِي سُورِ الْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: اسْمُ كَلْبِهِمْ وَتَقَدَّمَ بَيْتُ أُمَيَّةَ قَالَهُ أَنَسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَعَنِ الْحَسَنِ: الْجَبَلُ الَّذِي بِهِ الْكَهْفُ وَعَنْ عِكْرِمَةَ اسْمُ الدَّوَاةِ بِالرُّومِيَّةِ. وَقِيلَ: اسْمٌ لِلْوَادِي الَّذِي فِيهِ الْكَهْفُ. وَقِيلَ: رَقَمَ النَّاسُ حَدِيثَهُمْ نقرا في الجبل.
وعَجَباً نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، وَتَقْدِيرُهُ آيَةً عَجَباً، وُصِفَتْ بِالْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ ذَاتِ عَجَبٍ وَأَمَّا أَسْمَاءُ فِتْيَةِ أَهْلِ الْكَهْفِ فَأَعْجَمِيَّةٌ لَا تَنْضَبِطُ