للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحِيطُ وَالْبَحْرُ الْخَارِجُ مِنْهُ مِنْ دَبُورٍ إِلَى صِبَا. وَعَنْ أُبَيٍّ بِإِفْرِيقِيَّةَ. وَقِيلَ: هُوَ بَحْرُ الْأَنْدَلُسِ وَالْقَرْيَةُ الَّتِي أَبَتْ أَنْ تُضِيفَهُمَا هِيَ الْجَزِيرَةُ الْخَضْرَاءُ. وَقِيلَ: مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ بَحْرٌ مِلْحٌ وَبَحْرٌ عَذْبٌ فَيَكُونُ الْخَضِرُ عَلَى هَذَا عِنْدَ مَوْقِعِ نَهْرٍ عَظِيمٍ فِي الْبَحْرِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْبَحْرَانِ كِنَايَةٌ عَنْ مُوسَى وَالْخَضِرُ لِأَنَّهُمَا بَحْرَا عِلْمٍ. وَهَذَا شَبِيهٌ بِتَفْسِيرِ الْبَاطِنِيَّةِ وَغُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ، وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا بَحْرَا مَاءٍ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ أَنَّ الْبَحْرَيْنِ مُوسَى وَالْخَضِرُ لِأَنَّهُمَا كَانَا بَحْرَيْنِ فِي الْعِلْمِ انْتَهَى. وَقِيلَ: بَحْرُ الْقُلْزُمِ. وَقِيلَ: بَحْرُ الْأَزْرَقِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ مَجْمَعَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَالنَّضْرُ عَنِ ابْنِ مُسْلِمٍ فِي كِلَا الْحَرْفَيْنِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَقِيَاسُهُ مِنْ يَفْعَلُ فَتْحُ الْمِيمِ كَقِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ هُوَ اسْمُ مَكَانِ جَمْعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ: مَصْدَرٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحُقُبُ الدَّهْرُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو وَأَبُو هُرَيْرَةَ: ثَمَانُونَ سَنَةً.

وَقَالَ الْحَسَنُ: سَبْعُونَ. وَقِيلَ: سَنَةٌ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ. وَقِيلَ: وَقْتٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَمْضِيَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَبْلُغَ فَغَيَّا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا بِبُلُوغِهِ الْمَجْمَعِ وَإِمَّا بِمُضِيِّهِ حُقُباً. وَقِيلَ: هِيَ تَغْيِيَةٌ لِقَوْلِهِ لَا أَبْرَحُ كَقَوْلِكَ لَا أُفَارِقُكَ أَوْ تَقْضِيَنِي حَقِّي، فَالْمَعْنَى لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى أَنْ أَمْضِيَ زَمَانًا أَتَيَقَّنُ مَعَهُ فَوَاتَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ حُقُباً بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَالْجُمْهُورُ بِضَمِّهَا.

فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما ثَمَّ جُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ التَّقْدِيرُ فسار فَلَمَّا بَلَغا أَيْ مُوسَى وَفَتَاهُ مَجْمَعَ بَيْنِهِما أَيْ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ نَسِيا حُوتَهُما

وَكَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُوتِ وَقِصَّتِهِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُوحِيَ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رؤوسهما فَنَامَ مُوسَى وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ سَرَباً وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّاقِ.

قِيلَ: وَكَانَ الْحُوتُ مَالِحًا. وَقِيلَ: مَشْوِيًّا. وَقِيلَ: طَرِيًّا.

وَقِيلَ: جَمَعَ يُوشَعُ الْحُوتَ وَالْخُبْزَ فِي مِكْتَلٍ فَنَزَلَا لَيْلَةً عَلَى شَاطِئِ عَيْنٍ تُسَمَّى عَيْنَ الْحَيَاةِ وَنَامَ مُوسَى، فَلَمَّا أَصَابَ السَّمَكَةَ رَوْحُ الْمَاءِ وَبَرْدُهُ عَاشَتْ. وَرُوِيَ أَنَّهُمَا أَكَلَا مِنْهَا. وَقِيلَ: تَوَضَّأَ يُوشَعُ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ فَانْتَضَحَ الْمَاءُ عَلَى الْحُوتِ فَعَاشَ وَوَقَعَ فِي الْمَاءِ

، وَالظَّاهِرُ نِسْبَةُ النِّسْيَانِ إِلَى مُوسَى وَفَتَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>