وقرأ مجاهد أو يرث مِنْ آلِ يَعْقُوبَ عَلَى التصغير، وأصله وو يرث فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً عَلَى اللُّزُومِ لِاجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ وَهُوَ تَصْغِيرُ وَارِثٍ أَيْ غُلَيْمٌ صَغِيرٌ. وَعَنِ الْجَحْدَرِيِّ وَارِثٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ يَعْنِي بِهِ الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ لَا الْكَسْرَ الْخَالِصَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَعْقُوبَ هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَقِيلَ: هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ أَخُو زَكَرِيَّاءَ. وَقِيلَ: يَعْقُوبُ هَذَا وَعِمْرَانُ أَبُو مَرْيَمَ أَخَوَانِ مِنْ نَسْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ومرضيا بمعنى مرضي.
يا زَكَرِيَّا أَيْ قِيلَ لَهُ بِإِثْرِ الدُّعَاءِ. وَقِيلَ: رَزَقَهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ دُعَائِهِ. وَقِيلَ:
بَعْدَ سِتِّينَ وَالْمُنَادِي وَالْمُبَشِّرُ زَكَرِيَّاءَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ «١» الْآيَةَ وَالْغُلَامُ الْوَلَدُ الذَّكَرُ، وقد يقال للأثني غُلَامَةٌ كَمَا قَالَ:
تُهَانُ لَهَا الْغُلَامَةُ وَالْغُلَامُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَحْيى لَيْسَ عَرَبِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُمْ أَنْ يُسَمُّوا بِأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ فَيَكُونُ مَنْعُهُ الصَّرْفَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ، وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا فَيَكُونُ مُسَمًّى بِالْفِعْلِ كَيَعْمُرُ ويعيش قد سَمَّوْا بِيَمُوتَ وَهُوَ يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرَّعِ ابْنُ أُخْتِ الْجَاحِظِ. وَعَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ. فَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْيَى بِالْحِكْمَةِ وَالْعِفَّةِ. وَقِيلَ: يحيي بهدايته وإشادة خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُسْتَشْهَدُ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُعَمَّرُ زَمَنًا طَوِيلًا. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حَيِيَ بَيْنَ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَأُمٍّ عَاقِرٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حَيِيَ بِهِ عُقْرُ أُمِّهِ وَكَانَتْ لَا تَلِدُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ أَسْلَمَ: لَمْ نُسَمِّ قَبْلَهُ أَحَدًا بِيَحْيَى. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهَذَا شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ الْأَسَامِيَ الشُّنُعَ جَدِيرَةٌ بِالْأَثَرَةِ وَإِيَّاهَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُنَحِّي فِي التَّسْمِيَةِ لِكَوْنِهَا أَنْبَهَ وَأَنْوَهَ وَأَنْزَهَ عَنِ النَّفْرِ، حَتَّى قَالَ الْقَائِلُ فِي مَدْحِ قَوْمٍ:
شُنُعِ الْأَسَامِي مُسْبِلِي أُزُرٍ ... حُمْرٍ تَمَسُّ الْأَرْضَ بِالْهُدُبِ
وَقَالَ رُؤْبَةُ لِلنَّسَّابَةِ الْبَكْرِيِّ: وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ نَسَبِهِ أَنَا ابْنُ الْعَجَّاجِ فَقَالَ: قَصَّرْتَ وَعَرَّفْتَ انْتَهَى. وَقِيلَ لِلصَّلْتِ بْنِ عَطَاءٍ: كَيْفَ تَقَدَّمْتَ عِنْدَ الْبَرَامِكَةِ وَعِنْدَهُمْ مَنْ هُوَ آدَبُ مِنْكَ، فَقَالَ: كَنْتُ غَرِيبَ الدَّارِ غَرِيبَ الِاسْمِ خَفِيفَ الْحَزْمِ شَحِيحًا بِالْأَشْلَاءِ. فَذَكَرَ مِمَّا قَدَّمَهُ كَوْنُهُ غَرِيبَ الِاسْمِ إِذْ كَانَ اسْمُهُ الصَّلْتَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ سَمِيًّا أَيْ مَثَلًا وَنَظِيرًا وَكَأَنَّهُ مِنَ الْمُسَامَاةِ وَالسُّمُوِّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ لَا يُفَضَّلُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا لَمْ تَلِدِ الْعَوَاقِرُ مِثْلَهُ.
(١) سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: ٣/ ٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute