للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطْلَقِ فَتَصْلُحُ لِمَا هُوَ بِمَعْنَى الْإِلْجَاءِ وَلِمَا هُوَ بِمَعْنَى الِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ قُلْتَ: أَقَمْتُ زَيْدًا فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُخْتَارًا لِذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ قَدْ قَسَرْتَهُ عَلَى الْقِيَامِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ الإتراك لَا تَقُولُ إِلَى آخِرِهِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ التَّعْدِيَةَ بالهمزة قياس أجاز لك وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ وَمَنْ لَا يَرَاهُ قِيَاسًا فَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ فِي جَاءَ حَيْثُ قَالُوا: أَجَاءَ فَيُجِيزُ ذَلِكَ، وَأَمَّا تَنْظِيرُهُ ذَلِكَ بآتي فَهُوَ تَنْظِيرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ، وَأَنَّ أَصْلَهُ أَتَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ آتَى مِمَّا بُنِيَ عَلَى أَفْعَلَ وَلَيْسَ مَنْقُولًا مِنْ أَتَى بِمَعْنَى جَاءَ، إِذْ لَوْ كَانَ مَنْقُولًا مِنْ أَتَى الْمُتَعَدِّيَةِ لِوَاحِدٍ لَكَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ هُوَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ، وَالْفَاعِلُ هُوَ الْأَوَّلَ إِذَا عَدَّيْتَهُ بِالْهَمْزَةِ تَقُولُ: أَتَى الْمَالُ زَيْدًا، وآتى عمرا زَيْدًا الْمَالَ، فَيَخْتَلِفُ التَّرْكِيبُ بِالتَّعْدِيَةِ لِأَنَّ زَيْدًا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَالْمَالَ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي. وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ كَانَ يَكُونُ الْعَكْسَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا قَالَهُ. وَأَيْضًا فَآتَى مُرَادِفٌ لِأَعْطَى فَهُوَ مُخَالِفٌ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ فِي الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تَقُلْ أَتَيْتُ الْمَكَانَ وَآتَانِيهِ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ يُقَالُ: أَتَيْتُ الْمَكَانَ كَمَا تَقُولُ: جِئْتُ الْمَكَانَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُمْ ... فَقَالُوا الْجِنَّ قُلْتُ عِمُوا ظَلَامَا

وَمَنْ رَأَى النَّقْلَ بِالْهَمْزَةِ قِيَاسًا قَالَ: أَتَانِيهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَأَجاءَهَا أَيْ سَاقَهَا. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَجَارٍ سَارَ مَعْتَمِدًا إِلَيْكُمْ ... أجاءته المخافة والرجاء

وأما فَتَحَةَ الْجِيمِ الْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ. وَقَرَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ عَاصِمٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَشُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ فَاجَأَهَا مِنَ الْمُفَاجَأَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ: فَاجَأَهَا. فَقِيلَ:

هُوَ مِنَ الْمُفَاجَأَةِ بِوَزْنِ فَاعِلِهَا فَبُدِّلَتْ هَمْزَتُهَا بِأَلِفِ تَخْفِيفٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَمْزَةً بَيْنَ بَيْنَ غَيْرَ مَقْلُوبَةٍ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ كَقِرَاءَةِ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةٍ الْمَخاضُ بِكَسْرِ الْمِيمِ يُقَالُ مَخَضَتِ الْحَامِلُ مَخَاضًا وَمِخَاضًا وَتَمَخَّضَ الولد في بطنها: وإِلى تتعلق بفاجأها، وَمَنْ قَرَأَ فَاجَأَهَا مِنَ الْمُفَاجَأَةِ فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ مُسْتَنِدَةٌ أَيْ فِي حَالِ اسْتِنَادِهَا إِلَى النَّخْلَةِ، وَالْمُسْتَفِيضُ الْمَشْهُورُ أَنَّ مِيلَادَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ بَيْتَ لَحْمٍ، وَأَنَّهَا لَمَّا هَرَبَتْ وَخَافَتْ عَلَيْهِ أَسْرَعَتْ بِهِ وَجَاءَتْ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَوَضَعَتْهُ عَلَى صَخْرَةٍ فَانْخَفَضَتِ الصَّخْرَةُ لَهُ وَصَارَتْ كَالْمَهْدِ وَهِيَ الْآنَ مَوْجُودَةٌ تُزَارُ بِحَرَمِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ إِلَى بَحْرِ الْأُرْدُنِّ فَعَمَّدَتْهُ فِيهِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>