للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِذْ قالَ

نَحْوُ قَوْلِكَ: رَأَيْتُ زَيْدًا وَنِعْمَ الرَّجُلُ أَخَاكَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ إِذْ

بَكَانَ أَوْ بِ صِدِّيقاً نَبِيًّا أَيْ كَانَ جَامِعًا لِخَصَائِصِ الصِّدِّيقِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ حِينَ خَاطَبَ أَبَاهُ تِلْكَ الْمُخَاطَبَاتِ انْتَهَى. فَالتَّخْرِيجُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي تَصَرُّفَ إِذْ

وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا أَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ، وَالتَّخْرِيجُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كَانَ النَّاقِصَةَ وَأَخَوَاتَهَا تَعْمَلُ فِي الظُّرُوفِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ. وَالتَّخْرِيجُ الثَّالِثُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يُنْسَبُ إِلَّا إِلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، أَمَّا أَنْ يُنْسَبَ إِلَى مُرَكَّبٍ مِنْ مَجْمُوعِ لَفْظَيْنِ فَلَا، وَجَائِزٌ أن يكون معمولا لصديقا لِأَنَّهُ نَعْتٌ إِلَّا عَلَى رَأْيِ الْكُوَفِيِّينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون معمولا لنبيا أَيْ مُنَبَّأً فِي وَقْتِ قَوْلِهِ لِأَبِيهِ مَا قَالَ، وَأَنَّ التَّنْبِئَةَ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَقَرَأَ أَبُو الْبِرِّ هُثَيْمٍ إِنَّهُ كَانَ صَادِقًا. وَفِي قوله يا أَبَتِ

تَلَطُّفٌ وَاسْتِدْعَاءٌ بِالنَّسَبِ.

وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ يَا أَبَتِ

بِفَتْحِ التَّاءِ وَقَدْ لَحَّنَ هَارُونُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى يَا أَبَتِ

فِي سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ وَا أَبَتِ بِوَاوٍ بَدَلَ يَاءٍ، وَاسْتَفْهَمَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ السَّبَبِ الْحَامِلِ لأبيه على عبادة الضم وَهُوَ مُنْتَفٍ عَنْهُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْإِغْنَاءُ عَنْهُ شَيْئًا تَنْبِيهًا عَلَى شُنْعَةِ الرَّأْيِ وَقُبْحِهِ وَفَسَادِهِ فِي عِبَادَةِ مَنِ انْتَفَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْأَوْصَافُ.

وَخَطَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: انْظُرْ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ أَبَاهُ وَيَعِظَهُ فِيمَا كَانَ مُتَوَرِّطًا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ الْعَظِيمِ وَالِارْتِكَابِ الشَّنِيعِ الَّذِي عَصَى فِيهِ أَمْرَ الْعَقْلِ وَانْسَلَخَ عَنْ قَضِيَّةِ التَّمْيِيزِ كَيْفَ رَتَّبَ الْكَلَامَ مَعَهُ فِي أَحْسَنِ اتِّسَاقٍ وَسَاقَهُ أَرْشَقَ مَسَاقٍ مَعَ اسْتِعْمَالِ الْمُجَامَلَةِ وَاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ وَاللِّينِ وَالْأَدَبِ الْجَمِيلِ وَالْخُلُقِ الْحَسَنِ مُنْتَصِحًا فِي ذَلِكَ نَصِيحَةَ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا.

حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه لسلام إِنَّكَ خَلِيلِي حَسِّنْ خُلُقَكَ وَلَوْ مَعَ الْكُفَّارِ، تَدْخُلْ مَدَاخِلَ الْأَبْرَارِ»

، كَلِمَتِي سَبَقَتْ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ أُظِلُّهُ تَحْتَ عَرْشِي وَأُسْكِنُهُ حَظِيرَةَ الْقُدْسِ، وَأُدْنِيهِ مِنْ جِوَارِي.

وَسَرَدَ الزَّمَخْشَرِيُّ بَعْدَ هَذَا كَلَامًا كَثِيرًا مِنْ نَوْعِ الخطابة تركناه.

وما لَا يَسْمَعُ

الظَّاهِرُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَمَعْمُولُ يَسْمَعُ

ويُبْصِرُ

مَنْسِيٌّ وَلَا يَنْوِي أَيْ مَا لَيْسَ بِهِ اسْتِمَاعٌ وَلَا إِبْصَارٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ دُونَ تقييد بمتعلق. وشَيْئاً

. إِمَّا مَصْدَرٍ أَوْ مَفْعُولٍ بِهِ، وَلَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْعِلَّةِ فِي عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجِدَ جَوَابًا، انْتَقَلَ مَعَهُ إِلَى إِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>