وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ أَيْ لِأَنَّهَا تُهَدُّ، وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي أَنْ دَعَوْا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. قَالَ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ فِي مِنْهُ كَقَوْلِهِ:
عَلَى حَالَةٍ لَوْ أَنَّ فِي الْقَوْمِ حَاتِمًا ... عَلَى جُودِهِ لَضَنَّ بِالْمَاءِ حَاتِمُ
وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ لِجُمْلَتَيْنِ، قَالَ: وَمَنْصُوبًا بِتَقْدِيرِ سُقُوطِ اللَّامِ وَإِفْضَاءِ الْفِعْلِ أَيْ هَدًّا لِأَنَّ دَعَوْا عَلَّلَ الْخُرُورَ بِالْهَدِّ، وَالْهَدُّ بِدُعَاءِ الْوَلَدِ لِلرَّحْمَنِ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَدًّا لَا يَكُونُ مَفْعُولًا بَلْ مَصْدَرٌ مِنْ مَعْنَى وَتَخِرُّ أَوْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، قَالَ: وَمَرْفُوعًا بِأَنَّهُ فَاعِلُ هَدًّا أَيْ هَدَّهَا دُعَاءُ الْوَلَدِ لِلرَّحْمَنِ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَدًّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا تَوْكِيدِيًّا، وَالْمَصْدَرُ التَّوْكِيدِيُّ لَا يَعْمَلُ وَلَوْ فَرَضْنَاهُ غَيْرَ تَوْكِيدٍ لَمْ يَعْمَلْ بِقِيَاسٍ إِلَّا إِنْ كَانَ أَمْرًا أَوْ مُسْتَفْهَمًا عَنْهُ، نَحْوَ ضَرْبًا زَيْدًا، وَاضْرِبَا زَيْدًا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ خَبَرًا كَمَا قَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْ هَدَّهَا دُعَاءُ الرَّحْمَنِ فَلَا يَنْقَاسُ بَلْ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ نَادِرٌ كَقَوْلِهِ:
وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيُّهُمْ أَيْ وَقَفَ صَحْبِي.
وَقَالَ الْحَوْفِيُّ وَأَبُو الْبَقَاءِ أَنْ دَعَوْا فِي مَوْضِعِ نَصْبِ مَفْعُولٍ لَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنَا الْعَامِلَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ أَيْضًا: هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّامِ، قَالَ: وَفِي مَوْضِعِ رَفْعٍ أَيْ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ دُعَاؤُهُمْ، وَمَعْنَى دَعَوْا سَمَّوْا وَهِيَ تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ حُذِفَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا، وَالتَّقْدِيرُ سَمَّوْا مَعْبُودَهُمْ وَلَدًا لِلرَّحْمَنِ أَيْ بِوَلَدٍ لِأَنَّ دَعَا هَذِهِ تَتَعَدَّى لِاثْنَيْنِ، وَيَجُوزُ دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الثَّانِي تَقُولُ: دَعَوْتُ وَلَدِي بِزَيْدٍ، أَوْ دَعَوْتُ وَلَدِي زَيْدًا. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
دَعَتْنِي أَخَاهَا أُمُّ عَمْرٍو وَلَمْ أكن ... أخاها ولم أرضع لَهَا بِلِبَانِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَا رُبَّ مَنْ يَدَّعِي نَصِيحًا وَإِنْ يَغِبْ ... تَجِدْهُ بِغَيْبٍ مِنْكَ غَيْرَ نَصِيحِ
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا الَّذِي هُوَ الثَّانِي طَلَبًا لِلْعُمُومِ وَالْإِحَاطَةِ بِكُلِّ مَا دَعَا لَهُ وَلَدًا، قَالَ أَوْ مِنْ دَعَا بِمَعْنَى نَسَبَ الَّذِي مُطَاوِعُهُ مَا فِي
قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ» .
وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لَا نَدَّعِي لِأَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute