للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وُدًّا بِضَمِّ الْوَاوِ. وَقَرَأَ أَبُو الْحَارِثِ الْحَنَفِيُّ بِفَتْحِهَا. وَقَرَأَ جَنَاحُ بْنُ حُبَيْشٍ وُدًّا بِكَسْرِ الْوَاوِ.

قِيلَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقُونَ يُحِبُّونَهُ، وَكَانَ لَمَّا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ اسْتَوْحَشَ بِالْمَدِينَةِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْمُهَاجِرِينَ إِلَى الْحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَلْقَى اللَّهُ لَهُمْ وُدًّا فِي قَلْبِ النَّجَاشِيِّ،

وَذَكَرَ النَّقَّاشُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: لَا تَجِدُ مُؤْمِنًا إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ عَلِيًّا وَأَهْلَ بَيْتِهِ

انْتَهَى. وَمِنْ غَرِيبِ هَذَا مَا أَنْشَدَنَا الْإِمَامُ اللُّغَوِيُّ رَضِيُّ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الْأَنْصَارِيُّ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى لزبينا بن إسحاق النصراني الرسغي:

عَدِيٌّ وَتَيْمٌ لَا أُحَاوِلُ ذِكْرَهُمْ ... بِسُوءٍ وَلَكِنِّي مُحِبٌّ لِهَاشِمِ

وَمَا تَعْتَرِينِي فِي عَلِيٍّ وَرَهْطِهِ ... إِذَا ذُكِرُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ

يَقُولُونَ مَا بَالُ النَّصَارَى تُحِبُّهُمْ ... وَأَهْلُ النُّهَى مِنْ أَعْرُبٍ وَأَعَاجِمِ

فَقُلْتُ لَهُمْ إِنِّي لَأَحْسَبُ حُبَّهُمْ ... سَرَى فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ حَتَّى الْبَهَائِمِ

وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ أَنَّ بُغْضَ عَلِيٍّ مِنَ الْكَبَائِرِ.

وَالضَّمِيرُ فِي يَسَّرْناهُ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، أَيْ أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ مُيَسَّرًا سَهْلًا بِلِسانِكَ أَيْ بِلُغَتِكَ وَهُوَ اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ الْمُبِينُ.

لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ أَيْ تُخْبِرُهُمْ بِمَا يَسُرُّهُمْ وَبِمَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى تَقْوَاهُمْ وَاللُّدُّ جَمْعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لُدًّا ظُلْمَةً، وَمُجَاهِدٌ فُجَّارًا، وَالْحَسَنُ صُمًّا، وَأَبُو صَالِحٍ عِوَجًا عَنِ الْحَقِّ، وَقَتَادَةُ ذَوِي جَدَلٍ بِالْبَاطِلِ آخِذِينَ فِي كُلِّ لَدِيدٍ بِالْمِرَاءِ أَيْ فِي كُلِّ جَانِبٍ لِفَرْطِ لُجَاجِهِمْ يُرِيدُ أَهْلَ مَكَّةَ.

وَكَمْ أَهْلَكْنا تَخْوِيفٌ لَهُمْ وَإِنْذَارٌ بِالْإِهْلَاكِ بِالْعَذَابِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُمْ عَائِدٌ عَلَى قَوْماً لُدًّا وهَلْ تُحِسُّ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ النَّفْيُ أَيْ لَا تُحِسُّ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:

هَلْ تُحِسُّ مُضَارِعُ أَحَسَّ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَأَبُو بَحْرِيَّةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ تُحِسُّ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الحاء. وقرىء تُحِسُّ مِنْ حَسَّهُ إِذَا شَعَرَ بِهِ وَمِنْهُ الْحَوَاسُّ وَالْمَحْسُوسَاتُ. وَقَرَأَ حَنْظَلَةُ أَوْ تَسْمَعُ مُضَارِعُ أُسْمِعَتْ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّكْزُ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ الْحِسُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا أَتَاهُمْ عَذَابُنَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ شَخْصٌ يُرَى وَلَا صَوْتٌ يُسْمَعُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَاتُوا وَنُسِيَ ذِكْرُهُمْ فَلَا يُخْبِرُ عَنْهُمْ مخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>