للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ، فَكَانَ يَعُودُ عَلَى البحر المضروب ويَبَساً مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ الطَّرِيقُ وَصَفَهُ بِمَا آلَ إِلَيْهِ إِذْ كَانَ حَالَةَ الضَّرْبِ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْيُبْسِ بَلْ مَرَّتْ عَلَيْهِ الصَّبَا فَجَفَّفَتْهُ كَمَا رُوِيَ، وَيُقَالُ: يَبَسَ يُبْسًا وَيَبَسًا كَالْعُدْمِ وَالْعَدَمِ وَمِنْ كَوْنِهِ مَصْدَرًا وُصِفَ بِهِ الْمُؤَنَّثُ قَالُوا: شَاةٌ يَبَسٌ وَنَاقَةٌ يَبَسٌ إِذَا جَفَّ لَبَنُهَا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ يَبْسًا بِسُكُونِ الْبَاءِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: قَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا كَالْعَامَّةِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْإِسْكَانِ الْمَصْدَرَ وَبِالْفَتْحِ الِاسْمَ كَالنَّفْضِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا يَخْلُو الْيَبَسُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُخَفَّفًا عَنِ الْيَبْسِ أَوْ صِفَةً عَلَى فُعْلٍ أَوْ جَمْعَ يَابِسٍ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وُصِفَ بِهِ الْوَاحِدُ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ وَمَعًا جِيَاعًا جَعَلَهُ لِفَرْطِ جُوعِهِ كَجَمَاعَةِ جِيَاعٍ انْتَهَى. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ:

يَابِسًا اسْمَ فَاعِلٍ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَا تَخَافُ وَهِيَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فَاضْرِبْ وَقِيلَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِلطَّرِيقِ، وَحُذِفَ الْعَائِدُ أَيْ لَا تَخَافُ فِيهِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَحَمْزَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا تَخَفْ بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ أَوْ عَلَى نَهْيٍ مُسْتَأْنَفٍ قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَطَلْحَةُ وَالْأَعْمَشُ دَرْكًا بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالْجُمْهُورُ بِفَتْحِهَا، وَالدَّرْكُ وَالدَّرَكُ اسْمَانِ مِنَ الْإِدْرَاكِ أَيْ لَا يُدْرِكُكَ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ وَلَا يَلْحَقُونَكَ وَلا تَخْشى أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ غَرَقًا وَعَطْفُهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ لَا تَخَافُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَزْمِ فَخُرِّجَ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ جِيءَ بِهَا لِأَجْلِ أَوَاخِرِ الْآيِ فَاصِلَةً نَحْوَ قَوْلِهِ فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا «١» وَعَلَى أَنَّهُ إِخْبَارٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَأَنْتَ لَا تَخْشى وَعَلَى أَنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْحَرَكَةِ الْمُقَدَّرَةِ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: أَلَمْ يَأْتِيكَ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ ... وَلَا تَرضَّاهَا وَلَا تَمَلَّقِ

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَأَتْبَعَهُمْ بِسُكُونِ التَّاءِ، وَأَتْبَعَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى تَبِعَ فَيَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ «٢» وَقَدْ يَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ: وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ فَتَكُونُ التَّاءُ زَائِدَةً أَيْ جُنُودُهُ، أَوْ تَكُونُ لِلْحَالِ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ أَيْ رُؤَسَاؤُهُ وَحَشَمُهُ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ وَالْحَسَنُ فَاتَّبَعَهُمْ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَكَذَا عَنِ الْحَسَنِ فِي جَمِيعِ مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ «٣» وَالْبَاءُ فِي بِجُنُودِهِ فِي مَوْضِعِ الحال كَمَا تَقُولُ: خَرَجَ زَيْدٌ بِسِلَاحِهِ أَوِ الْبَاءِ لِلتَّعَدِّي لِمَفْعُولٍ ثَانٍ بِحَرْفِ جَرٍّ، إِذْ لَا يَتَعَدَّى اتَّبَعَ بِنَفْسِهِ إِلَّا إِلَى حَرْفٍ واحد.


(١) سورة الأحزاب: ١٣٣/ ٦٧.
(٢) سورة الأعراف: ٦/ ١٧٥.
(٣) سورة الصافات: ٣٧/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>