للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ لَكَ الْوَيْلَاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي وَإِذَا أُضِيفَ وَيْلٌ، فَالْأَحْسَنُ فِيهِ النَّصْبُ، قَالَ تَعَالَى: وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً «١» . وَزَعَمَ بَعْضٌ أَنَّهُ إِذَا أُضِيفَ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا النَّصْبُ، وَإِذَا أَفْرَدْتَهُ اخْتِيرَ الرَّفْعُ، قَالَ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ، قَالَ:

فَوَيْلًا لِتَيْمٍ مِنْ سَرَابِيلِهَا الْخُضْرِ وَالْوَيْلُ: مَعْنَاهُ الْفَضِيحَةُ وَالْحَسْرَةُ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْوَيْلُ: شِدَّةُ الشَّرِّ، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ وَابْنُ عَرَفَةَ: الْوَيْلُ: الْحُزْنُ، يُقَالُ: تَوَيَّلَ الرَّجُلُ: دَعَا بِالْوَيْلِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحُزْنِ وَالْمَكْرُوهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْوَيْلُ: الْهَلَكَةُ، وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ دَعَا بِالْوَيْلِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ كَلِمَةُ تَفَجُّعٍ، وَقَدْ يَكُونُ تَرَحُّمًا، وَمِنْهُ:

وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ الْأَيْدِي: جَمْعُ يَدٍ، وَيَدٌ مِمَّا حُذِفَ مِنْهُ اللَّامُ، وَوَزْنُهُ فَعْلٌ، وَقَدْ صُرِّحَ بِالْأَصْلِ.

قَالُوا: يَدْيٌ، وَقَدْ أَبْدَلُوا مِنَ الْيَاءِ الْأُولَى هَمْزَةً، قَالُوا: قَطَعَ اللَّهُ أَدْيَهُ، وَأَبْدَلُوا مِنْهَا أَيْضًا جِيمًا، قَالُوا: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ جَدَ الدَّهْرِ، يُرِيدُونَ يَدَ الدَّهْرِ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَارِحَةِ، مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا. وَأَمَّا الْأَيَادِي فَجَمْعُ الْجَمْعِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ الْأَيَادِي فِي النِّعَمِ، وَالْأَصْلُ:

الْأَيْدِي، اسْتَثْقَلْنَا الضَّمَّةَ عَلَى الْيَاءِ فَحُذِفَتْ، فَسَكَنَتِ الْيَاءُ، وَقَبْلَهَا ضَمَّةٌ، فَانْقَلَبَتْ واوا، فصار الأيد. وَكَمَا قِيلَ فِي مُيْقِنٍ مُوقِنٌ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي لِسَانِهِمْ وَاوٌ سَاكِنَةٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ فِي اسْمٍ، وَإِذَا أَدَّى الْقِيَاسُ إِلَى ذَلِكَ، قُلِبَتْ تِلْكَ الْوَاوُ يَاءً وَتِلْكَ الضَّمَّةُ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ، فَصَارَ الْأَيْدِي. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْيَدِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: لِما بَيْنَ يَدَيْها «٢» . الْكَسْبُ:

أَصْلُهُ اجْتِلَابُ النَّفْعِ، وَقَدْ جَاءَ فِي اجْتِلَابِ الضُّرِّ، وَمِنْهُ: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً، وَالْفِعْلُ مِنْهُ يَجِيءُ مُتَعَدِّيًا إِلَى وَاحِدٍ، تَقُولُ: كَسَبْتُ مَالًا، وَإِلَى اثْنَيْنِ تَقُولُ: كَسَّبْتُ زَيْدًا مَالًا. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ: كَسَبَ هُوَ نَفْسُهُ وَأَكْسَبَ غَيْرَهُ، وَأَنْشَدَ:

فَأَكْسَبَنِي مَالًا وَأَكْسَبْتُهُ حَمْدَا الْمَسُّ: الْإِصَابَةُ، وَالْمَسُّ: الْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ عَلَى نِهَايَةِ الْقُرْبِ، وَاللَّمْسُ: مِثْلُهُ لَكِنْ مَعَ الْإِحْسَاسِ، وَقَدْ يَجِيءُ الْمَسُّ مَعَ الْإِحْسَاسِ. وَحَقِيقَةُ الْمَسِّ واللمس باليد. ونقل


(١) سورة طه: ٢٠/ ٦١.
(٢) سورة البقرة: ٢/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>