وحَتَّى قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ فِي الْمَعْنَى بِحَرَامٍ أَيْ يَسْتَمِرُّ الِامْتِنَاعُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ وَلَا عَمَلَ لَهَا فِي إِذا. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ حَتَّى غَايَةٌ، وَالْعَمَلُ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى مِنْ تَأَسُّفِهِمْ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِيهِ مِنَ الطَّاعَةِ حِينَ فَاتَهُمُ الِاسْتِدْرَاكُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ:
بِمَ تَعَلَّقَتْ حَتَّى وَاقِعَةً غَايَةً لَهُ وَأَيَّةُ الثَّلَاثِ هِيَ؟ قُلْتُ: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَرَامٍ، وَهِيَ غَايَةٌ لَهُ لِأَنَّ امْتِنَاعَ رُجُوعِهِمْ لَا يَزُولُ حَتَّى تَقُومَ الْقِيَامَةُ، وَهِيَ حَتَّى الَّتِي تَحْكِي الْكَلَامَ، وَالْكَلَامُ الْمَحْكِيُّ الْجُمْلَةُ مِنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ أَعْنِي إِذَا وَمَا فِي حَيِّزِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ وَتَقَطَّعُوا وَيُحْتَمَلُ عَلَى بَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنْ تُعَلَّقَ بِيَرْجِعُونَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ وهو الأظهر بسبب إِذا لِأَنَّهَا تَقْتَضِي جَوَابًا هُوَ الْمَقْصُودُ ذِكْرُهُ انْتَهَى. وَكَوْنُ حَتَّى مُتَعَلِّقَةً فِيهِ بُعْدٌ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْفَصْلِ لَكِنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى جَيِّدٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى دِينِ الْحَقِّ إِلَى قُرْبِ مَجِيءِ السَّاعَةِ، فَإِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ انْقَطَعَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ وَعَلِمَ الْجَمِيعُ أَنَّ مَوْلَاهُمُ الْحَقُّ وَأَنَّ الدِّينَ الْمُنَجِّيَ هُوَ كَانَ دِينَ التَّوْحِيدِ. وَجَوَابُ إِذا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ قالوا يا ويلنا قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَجَمَاعَةٌ أَوْ تَقْدِيرُهُ، فَحِينَئِذٍ يُبْعَثُونَ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ.
أَوْ مَذْكُورٌ وَهُوَ وَاقْتَرَبَ عَلَى زِيَادَةِ الْوَاوِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَهُمْ يُجِيزُونَ زِيَادَةَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ فِي فَإِذَا هِيَ قَالَهُ الْحَوْفِيُّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِذَا هِيَ الْمُفَاجَأَةُ وَهِيَ تَقَعُ فِي المفاجئات سَادَةً مَسَدَّ الْفَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ «١» فَإِذَا جَاءَتِ الْفَاءُ مَعَهَا تَعَاوَنَتَا عَلَى وَصْلِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ، فَيَتَأَكَّدُ وَلَوْ قِيلَ إذا هِيَ شَاخِصَةٌ كَانَ سَدِيدًا.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي أَقُولُ أَنَّ الْجَوَابَ فِي قَوْلِهِ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قُصِدَ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ رُجُوعُهُمُ الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ امْتِنَاعَهُ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي فُتِحَتْ فِي الْأَنْعَامِ وَوَافَقَ ابْنَ عَامِرٍ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَكَذَا الَّتِي فِي الْأَنْعَامِ وَالْقَمَرِ فِي تَشْدِيدِ التَّاءِ، وَالْجُمْهُورُ على التخفيف فيهن وفُتِحَتْ يَأْجُوجُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ سَدُّ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةِ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ وَهُمْ عَائِدٌ عَلَى يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أَيْ يَطْلُعُونَ مِنْ كُلِّ ثَنِيَّةٍ وَمُرْتَفَعٍ وَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْعَالَمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ الله وابن عباس مِنْ كُلِّ جَدَثٍ بِالثَّاءِ المثلثة وهو القبر. وقرىء بِالْفَاءِ الثَّاءِ لِلْحِجَازِ وَالْفَاءِ لِتَمِيمٍ وَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ كَمَا أَبْدَلُوا الثَّاءَ مِنْهَا قَالُوا وَأَصْلُهُ مَغْفُورٌ.
(١) سورة الروم: ٣٠/ ٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute