يَسَارٍ الْأَضْحَى إِلَى هِلَالِ الْمُحَرَّمِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ الْمَعْلُومَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ بِمَعْنَى أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ الْفَاضِلَةُ كُلُّهَا، وَيَبْقَى أَمْرُ الذَّبْحِ وَأَمْرُ الِاسْتِعْجَالِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْدُودٍ وَلَا مَعْلُومٍ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ قَوْلِهِ مَعْلُوماتٍ وَمَعْدُودَاتِ التَّحْرِيضِ عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ وَعَلَى اغْتِنَامِ فَضْلِهَا أَيْ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ هِيَ مَخْصُوصَاتٌ فَلْتَغْتَنِمْ انْتَهَى.
وَالْبَهِيمَةُ مُبْهَمَةٌ فِي كُلُّ ذَاتِ أَرْبَعٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَبُيِّنَتْ بِالْأَنْعَامِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي مَدْلُولِ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فِي أَوَّلِ الْمَائِدَةِ، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ. وَقِيلَ: بِاسْتِحْبَابِهِمَا. وَقِيلَ: بِاسْتِحْبَابِ الْأَكْلِ ووجوب الإطعام.
والْبائِسَ الَّذِي أَصَابَهُ بُؤْسٌ أَيْ شِدَّةٌ. وَالتَّفَثُ: مَا يَصْنَعُهُ الْمُحْرِمُ عِنْدَ حِلِّهِ مِنْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ وَحَلْقِهِ وَإِزَالَةِ شَعَثِهِ وَنَحْوِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْخَمْسِ مِنَ الْفِطْرَةِ حَسَبِ الْحَدِيثِ، وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ قَضَاءُ جَمِيعِ مَنَاسِكِهِ إِذْ لَا يَقْضِي التَّفَثَ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: التَّفَثُ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَعَنْهُ الْمَنَاسِكُ كُلُّهَا، وَالنُّذُورُ هُنَا مَا يُنْذِرُونَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي حِجِّهِمْ. وَقِيلَ:
الْمُرَادُ الْخُرُوجُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ نَذَرُوا أَوْ لَمْ يَنْذُرُوا. وَقَرَأَ شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ وَلْيُوفُوا مُشَدَّدًا وَالْجُمْهُورُ مُخَفَّفًا وَلْيَطَّوَّفُوا هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَبِهِ تَمَامُ التَّحَلُّلِ. وَقِيلَ: هُوَ طَوَافُ الصَّدْرِ وَهُوَ طَوَافُ الْوَدَاعِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُتَأَوِّلِينَ أَنَّهُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَحْتَمِلُ بِحَسَبِ التَّرْتِيبِ أَنْ يَكُونَ طَوَافَ الوداع انتهى.
والْعَتِيقِ الْقَدِيمُ قَالَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ، أَوِ الْمُعْتَقُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ قَالَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَقَتَادَةُ، كَمْ جَبَّارٍ سَارَ إِلَيْهِ فَأَهْلَكَهُ اللَّهُ قَصَدَهُ تُبَّعٌ لِيَهْدِمَهُ فَأَصَابَهُ الْفَالِجُ، فَأَشَارَ الْأَخْيَارُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ وَقَالُوا لَهُ: رَبٌّ يَمْنَعُهُ فَتَرَكَهُ وَكَسَاهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَسَاهُ، وَقَصَدَهُ أَبَرْهَةُ فَأَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ وَأَمَّا الْحَجَّاجُ فَلَمْ يَقْصِدِ التَّسْلِيطَ عَلَى الْبَيْتِ لَكِنْ تَحَصَّنَ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَاحْتَالَ لِإِخْرَاجِهِ ثُمَّ بَنَاهُ أَوِ الْمُحَرَّرُ لَمْ يُمْلَكْ مَوْضِعُهُ قَطُّ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، أَوِ الْمُعْتَقُ مِنَ الطُّوفَانِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا وَابْنُ جُبَيْرٍ، أَوِ الْجَيِّدُ مِنْ قَوْلِهِمْ: عِتَاقُ الْخَيْلِ وَعِتَاقُ الطَّيْرِ أَوِ الَّذِي يُعْتَقُ فِيهِ رِقَابُ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْعَذَابِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا يَرُدُّهُ التَّصْرِيفُ انْتَهَى. وَلَا يَرُدُّهُ التَّصْرِيفُ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ تَفْسِيرَ مَعْنًى، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابِ فَلِأَنَّ الْعَتِيقِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ أَيْ مُعْتِقٌ رِقَابَ الْمُذْنِبِينَ، وَنَسَبَ الْإِعْتَاقَ إِلَيْهِ مَجَازًا إِذْ بِزِيَارَتِهِ وَالطَّوَافِ بِهِ يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ، وَيَنْشَأُ عَنْ كَوْنِهِ مُعْتِقًا أَنْ يُقَالَ فِيهِ: يُعْتِقُ فِيهِ رِقَابَ الْمُذْنِبِينَ.
ذلِكَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فَرْضُكُمْ ذلِكَ أَوِ الْوَاجِبُ ذلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute