للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي فِيهَا فَوْزُهُمْ، وَحَصَرَ النِّذَارَةَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ لِي تَعْجِيلُ عَذَابِكُمْ وَلَا تَأْخِيرِهِ عَنْكُمْ وَإِنَّمَا أَنَا مُنْذِرُكُمْ بِهِ.

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: التَّقْدِيرُ بَشِيرٌ ونَذِيرٌ فَحُذِفَ وَالتَّقْسِيمُ دَاخِلٌ فِي الْمَقُولِ، وَالسَّعْيُ الطَّلَبُ وَالِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ، وَيُقَالُ: سَعَى فُلَانٌ فِي أَمْرِ فُلَانٍ فَيَكُونُ بِإِصْلَاحٍ وَبِإِفْسَادٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ، يُقَالُ: فِيهِ سَعَى بِفُلَانٍ سِعَايَةً أَيْ تَحَيَّلَ، وَكَادَ فِي إِيصَالِ الشَّرِّ إِلَيْهِ وَسَعْيِهِمْ بِالْفَسَادِ فِي آيَاتِ اللَّهِ حَيْثُ طَعَنُوا فِيهَا فَسَمُّوهَا سِحْرًا وَشِعْرًا وَأَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ، وَثَبَّطُوا النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا.

وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو السَّمَّالِ وَالزَّعْفَرَانِيُّ مُعَجِّزِينَ بِالتَّشْدِيدِ هُنَا وَفِي حَرْفَيْ سَبَأٍ زَادَ الْجَحْدَرِيُّ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ أَيْ مُثَبِّطِينَ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِأَلِفٍ. وَقَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجِزِينَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ مَنْ أَعْجَزَنِي إِذَا سَبَقَكَ فَفَاتَكَ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: لَكِنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى مُعَاجِزِينِ أَي ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَنَا، وَذَلِكَ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ. وَقِيلَ: فِي مُعاجِزِينَ مُعَانِدِينَ، وَأَمَّا مُعَجِّزِينِ بِالتَّشْدِيدِ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى مُثَبِّطِينَ النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَيُقَالُ: مُثَبِّطِينَ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَاجَزَهُ سَابَقَهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي طَلَبِ إِعْجَازِ الْآخَرِ عَنِ اللَّحَاقِ بِهِ، فَإِذَا سَبَقَهُ قِيلَ أَعْجَزَهُ وَعَجَّزَهُ، فَالْمَعْنَى سَابِقِينَ أَوْ مُسَابِقِينَ فِي زَعْمِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ، طَامِعِينَ أَنَّ كَيْدَهُمْ لِلْإِسْلَامِ يَتِمُّ لَهُمْ انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: مُعَجِّزِينِ مَعْنَاهُ نَاسِبِينَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إِلَى الْعَجْزِ كَمَا تَقُولُ: فَسَّقْتُ فُلَانًا إِذَا نَسَبْتَهُ إِلَى الْفِسْقِ. وَتَقَدَّمَ شَرَحُ أُخْرَى هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ تَقْسِيمًا.

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>