اللَّامِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا. وَفِي اللَّوَامِحِ عَنْ بَعْضِهِمْ لَتُصْبِحُنَّ بِتَاءٍ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ، فَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ يَصِيرَ الْقَوْلُ مِنَ الرَّسُولِ إلى الكفار بعد ما أُجِيبَ دُعَاؤُهُ لَكَانَ جَائِزًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: صَيْحَةُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاحَ عَلَيْهِمْ فَدَمَّرَهُمْ بِالْحَقِّ بِالْوُجُوبِ لِأَنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا الْهَلَاكَ أَوْ بِالْعَدْلِ مِنَ اللَّهِ مِنْ قَوْلِكَ: فُلَانٌ يَقْضِي بِالْحَقِّ إِذَا كَانَ عَادِلًا فِي قَضَايَاهُ شَبَّهَهُمْ بِالْغُثَاءِ فِي دَمَارِهِمْ وَهُوَ حَمِيلُ السَّيْلِ مِمَّا بَلِيَ وَاسْوَدَّ مِنَ الْوَرَقِ وَالْعِيدَانِ انْتَهَى. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّيْحَةُ الرَّجْفَةُ. وَقِيلَ: هِيَ نَفْسُ الْعَذَابِ وَالْمَوْتِ. وَقِيلَ: الْعَذَابُ الْمُصْطَلِمُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
صَاحَ الزَّمَانُ بِآلِ زَيْدٍ صَيْحَةً ... خَرُّوا لِشَنَّتِهَا عَلَى الْأَذْقَانِ
وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: بِالْحَقِّ بِمَا لا مدفع له كقولك: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ.
وَانْتَصَبَ بُعْدًا بِفِعْلٍ مَتْرُوكٍ إِظْهَارُهُ أَيْ بَعُدُوا بُعْدًا. أَيْ هَلَكُوا، يُقَالُ بَعِدَ بُعْدًا وَبَعَدًا نَحْو رَشُدَ رُشْدًا وَرَشَدًا. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ لِلْقَوْمِ مُتَعَلِّقٌ بِبُعْدًا. وَقَالَ الزمخشري: ولِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بَيَانٌ لِمَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ نَحْوُ هَيْتَ لَكَ «١» ولِما تُوعَدُونَ انْتَهَى فَلَا تَتَعَلَّقُ بِبُعْدًا بَلْ بِمَحْذُوفٍ.
ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ مَا جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ، وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ.
قُرُوناً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: قِصَّةُ لُوطٍ وشعيب وأيوب ويونس صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَا تَسْبِقُ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْحِجْرِ ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا أَيْ لِأُمَمٍ آخَرِينَ أَنْشَأْنَاهُمْ بَعْدَ أُولَئِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَقَتَادَةُ وأبو
(١) سورة يوسف: ١٢/ ٢٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute