للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ: مِنْ هَجَرَ الْمَرِيضُ إِذَا هَذَى أَيْ يَقُولُونَ اللَّغْوَ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَنَافِعٌ وَحُمَيْدٌ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُضَارِعُ أَهْجَرَ أَيْ يَقُولُونَ الْهُجْرَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ الْفُحْشُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِشَارَةٌ إِلَى السَّبِّ لِلصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو نَهِيكٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ أَيْضًا وَأَبُو حَيْوَةَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ فَتَحُوا الْهَاءَ وَشَدَّدُوا الْجِيمَ وَهُوَ تَضْعِيفٌ مِنْ هَجَّرَ مَاضِي الْهَجَرِ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى مُقَابِلِ الْوَصْلِ أَوِ الْهَذَيَانِ أَوْ مَاضِي الْهُجْرِ وَهُوَ الْفُحْشُ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لَوْ قِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى أَنَّكُمْ مُبَالِغُونَ فِي الْمُجَاهَرَةِ حَتَّى إِنَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ سُمَّرًا بِاللَّيْلِ فَكَأَنَّكُمْ تَهْجُرُونَ فِي الْهَاجِرَةِ عَلَى الِافْتِضَاحِ لَكَانَ وَجْهًا.

أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ.

ذَكَرَ تَعَالَى تَوْبِيخَهُمْ عَلَى إِعْرَاضِهِمْ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالْقَوْلِ الْقُرْآنِ الَّذِي أَتَى بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَيْ أَفَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِيمَا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ الْمُعْجِزُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مُعَارَضَتُهُ فَيُصَدِّقُوا بِهِ وَبِمَنْ جَاءَ بِهِ، وَبَّخَهُمْ وَوَقَفَهُمْ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَأَنَّهُمْ بِمُكَابَرَتِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الْفَاسِدِ قَالَ بَعْضُهُمْ سِحْرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ شِعْرٌ، وَهُوَ أَعْظَمُ الدَّلَائِلِ الْبَاقِيَةِ عَلَى غَابِرِ الدَّهْرِ قَرَّعَهُمْ أَوَّلًا بِتَرْكِ الِانْتِفَاعِ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ ثَانِيًا بِأَنَّ مَا جَاءَهُمْ جَاءَ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ، أَيْ إِرْسَالُ الرُّسُلِ لَيْسَ بِدْعًا وَلَا مُسْتَغْرَبًا بَلْ جَاءَتِ الرُّسُلُ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ، وَعَرَفُوا ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ وَنَجَاةِ مَنْ آمَنَ وَاسْتِئْصَالِ مَنْ كَذَّبَ وَآبَاؤُهُمْ إِسْمَاعِيلُ وَأَعْقَابُهُ مِنْ عَدْنَانَ وَقَحْطَانَ،

وَرُوِيَ: لَا تَسُبُّوا مُضَرَ، وَلَا رَبِيعَةَ، وَلَا الْحَارِثَ بْنَ كَعْبٍ، وَلَا أَسَدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، ولا تَمِيمَ بْنَ مُرَّةَ وَلَا قُسًّا

وَذَكَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَأَنَّ تُبَّعًا كَانَ مُسْلِمًا وَكَانَ عَلَى شُرَطِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَبَّخَهُمْ ثَالِثًا بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِحَّةَ نَسَبِهِ وَحُلُولَهُ فِي سِطَةِ هَاشِمٍ وَأَمَانَتَهُ وَصِدْقَهُ وَشَهَامَتَهُ وَعَقْلَهُ وَاتِّسَامَهُ بِأَنَّهُ خَيْرُ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ، وَكَفَى بِخُطْبَةِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَأَنَّهَا احْتَوَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>