للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرْجَمَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الزَّانِيَةِ وَالزَّانِي حَدٌّ غَيْرُ الْجَلْدِ فَقَطْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ،

وَقَدْ ثَبَتَ الرَّجْمُ بِالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَعَمِلَ بِهِ بَعْدَ الرَّسُولِ خُلَفَاءُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ

، وَمِنَ الصَّحَابَةِ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّغْرِيبِ بِنَفْيِ الْبِكْرِ بَعْدَ الْجَلْدِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ والشافعي بنفي الزَّانِي. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ: يُنْفَى الرَّجُلُ وَلَا تُنْفَى الْمَرْأَةُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُنْفَى الْعَبْدُ نِصْفَ سَنَةٍ، وَالظَّاهِرُ

أَنَّ هَذَا الْجَلْدَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا فَلَوْ وُجِدَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِسْحَاقُ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ.

وَقَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يُؤَدَّبَانِ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ فِي الْأَدَبِ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ فَالْمُكْرَهَةُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَفِي حَدِّ الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يُكْرِهَهُ سُلْطَانٌ فَلَا يُحَدُّ أَوْ غَيْرُهُ فَيُحَدُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُحَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَوْلُ زُفَرَ يُحَدُّ فِيهِمَا جَمِيعًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي الزِّنَا مَنْ أَتَى امْرَأَةً مِنْ دُبُرِهَا وَلَا ذَكَرًا وَلَا بَهِيمَةً. وَقِيلَ: يَنْدَرِجُ وَالْمَأْمُورُ بِالْجَلْدِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَنُوَّابُهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي إقامة الخارجي المتعلب الْحُدُودَ. فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا وَفِي إِقَامَةِ السَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: لَا، وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: لَهُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ، وَالْجَلْدُ كَمَا قُلْنَا ضَرْبُ الْجِلْدِ وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِهَيْئَةِ الْجَالِدِ وَلَا هَيْئَةِ الْمَجْلُودِ وَلَا لِمَحَلِّ الْجَلْدِ وَلَا لِصِفَةِ الْآلَةِ الْمَجْلُودِ بِهَا وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا حُكْمُ جَمِيعِ الزُّنَاةِ وَالزَّوَانِي أَمْ حُكْمُ بَعْضِهِمْ؟

قُلْتُ: بَلْ هُوَ حُكْمُ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْمُحْصَنَ حُكْمُهُ الرَّجْمُ فَإِنْ قُلْتَ: اللَّفْظُ يَقْتَضِي تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِجَمِيعِ الزُّنَاةِ وَالزَّوَانِي لِأَنَّ قَوْلَهُ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ يَتَنَاوَلُهُ الْمُحْصَنُ وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ قُلْتُ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي يَدُلَّانِ عَلَى الْجِنْسَيْنِ الْمُنَافِيَيْنِ لِجِنْسَيِ الْعَفِيفِ وَالْعَفِيفَةِ دَلَالَةً مُطْلَقَةً، وَالْجِنْسِيَّةُ قَائِمَةٌ فِي الْكُلِّ وَالْبَعْضِ جَمِيعًا فَأَيُّهُمَا قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ فَلَا عَلَيْهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ انْتَهَى. وَلَيْسَتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْجِنْسَيْنِ كَمَا ذَكَرَ دَلَالَةً مُطْلَقَةً لِأَنَّ دَلَالَةَ عُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِ مُبَايِنَةٌ لدلالة عموم البدل وهو الإطلاق، وَلَيْسَتْ كَدَلَالَةِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعُمُومِ هِيَ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَدَلَالَةَ الْمُشْتَرَكِ تَدُلُّ عَلَى فَرْدٍ فَرْدٍ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ أَعْنِي فِي الِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، لكن ما ذكرته هُوَ الَّذِي يَصِحُّ فِي النَّظَرِ وَاسْتِعْمَالِ كَلَامِ الْعَرَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>