للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَثَابِتِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ وَالْقَوْرَصِيِّ وَمَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ نُورُ فِعْلًا ماضيا والْأَرْضِ بِالنَّصْبِ.

وَإِمَّا عَلَى حَذْفٍ أَيْ ذُو نُورٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ مَثَلُ نُورِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ نُورًا عَلَى سَبِيلِ الْمَدْحِ، كَمَا قَالُوا فُلَانٌ شَمْسُ الْبِلَادِ وَنُورُ الْقَبَائِلِ وَقَمَرُهَا، وَهَذَا مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا. قَالَ الشَّاعِرُ:

كَأَنَّكَ شَمْسٌ وَالْمُلُوكُ كَوَاكِبٌ وَقَالَ:

قَمَرُ القبائل خالد بن زيد وَقَالَ:

إِذَا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ مَرْوَ لَيْلَةً ... فَقَدْ سَارَ مِنْهَا بَدْرُهَا وَجَمَالُهَا

وَيُرْوَى نُورُهَا، وَأَضَافَ النُّورَ إِلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لدلالة عَلَى سِعَةِ إِشْرَاقِهِ وَفُشُوِّ إِضَاءَتِهِ حَتَّى يُضِيءَ لَهُ السموات وَالْأَرْضُ، أَوْ يُرَادُ أَهْلُ السموات وَالْأَرْضِ وَأَنَّهُمْ يَسْتَضِيئُونَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نُورُ السَّماواتِ أَيْ هَادِي أَهْلِ السموات. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُدَبِّرُ أُمُورِ السموات. وقال الحسن: منور السموات. وَقَالَ أُبَيٌّ: اللَّهُ بِهِ نور السموات أو منه نور السموات أَيْ ضِيَاؤُهَا. وَقَالَ أَبُو العالية: مزين السموات بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَمُزَيِّنُ الْأَرْضِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ. وَقِيلَ: الْمُنَزِّهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ امْرَأَةً نَوَارِ بَرِيئَةً مِنَ الرِّيبَةِ وَالْفَحْشَاءِ.

وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هُوَ الَّذِي يَرَى وَيُرَى بِهِ مَجَازٌ وُصِفَ اللَّهُ بِهِ لِأَنَّهُ يُرَى وَيَرَى بِسَبَبِهِ مَخْلُوقَاتِهِ لِأَنَّهُ خَلَقَهَا وَأَوْجَدَهَا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مَثَلُ نُورِهِ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْقَوْلِ مَا الْمُرَادُ بِالنُّورِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ تَعَالَى. فَقِيلَ: الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتُ فِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ «١» وَقِيلَ: الْإِيمَانُ الْمَقْذُوفُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقِيلَ: النُّورُ هُنَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقِيلَ: النُّورُ هُنَا الْمُؤْمِنُ. وَقَالَ كَعْبٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ: الضَّمِيرُ في لِنُورِهِ عَائِدٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، أي مَثَلُ نُورِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أُبَيٌّ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَفِي قِرَاءَتِهِ مَثَلُ نُورِ الْمُؤْمِنِ.

وَرُوِيَ أَيْضًا فِيهَا مَثَلُ نُورِ مَنْ آمَنَ بِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: يَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عَادَ فِيهَا الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ، وَنَقَلْتُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ


(١) سورة النور: ٢٤/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>