للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَخَوْفِهِمْ مَا يَكُونُ فِي الْبَعْثِ. وَلِذَلِكَ جَاءَ مُقَابِلُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمُ الْكُفَّارُ فِي قَوْلِهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا «١» وَكَأَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَتِ الْهِدَايَةُ لِلنُّورِ جَاءَ فِي التَّقْسِيمِ لِقَابِلِ الْهِدَايَةِ وَعَدَمِ قَابِلِهَا، فَبُدِئَ بِالْمُؤْمِنِ وَمَا تَأَثَّرَ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْهُدَى ثُمَّ ذَكَرَ الْكَافِرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي بُيُوتٍ أُرِيدَ بِهِ مَدْلُولُهُ مِنَ الْجَمْعِيَّةِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: أُرِيدَ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَسُمِّيَ بُيُوتًا مِنْ حَيْثُ فِيهِ مَوَاضِعُ يَتَحَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ، وَيُؤْثَرُ أَنَّ عَادَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي وَقِيدِهِ فِي غَايَةِ التَّهَمُّمِ وَالزَّيْتُ مَخْتُومٌ عَلَى ظُرُوفِهِ وَقَدْ صُنِعَ صَنْعَةً وَقُدِّسَ حَتَّى لَا يَجْرِيَ الْوَقِيدُ بِغَيْرِهِ، فَكَانَ أَضْوَأَ بُيُوتِ الْأَرْضِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي بُيُوتٍ مُطْلَقٌ فَيَصْدُقُ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالْعِلْمُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بُيُوتُ الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ أَيْضًا وَمُجَاهِدٌ: هِيَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تُنَوَّرَ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الْمَصَابِيحِ. وَقِيلَ: الْكَعْبَةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَمَسْجِدُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ. وَقِيلَ: بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ. وَيُقَوِّي أَنَّهَا الْمَسَاجِدُ قَوْلُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَإِذْنُهُ تَعَالَى وَأَمْرُهُ بِأَنْ تُرْفَعَ أَيْ يَعْظُمَ قَدْرُهَا قَالَهُ الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: تُبْنَى وَتُعَلَّى مِنْ قَوْلِهِ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ «٢» . وَقِيلَ: تُرْفَعَ تَطْهُرَ مِنَ الْأَنْجَاسِ وَالْمَعَاصِي. وَقِيلَ:

تُرْفَعَ أَيْ تُرْفَعَ فِيهَا الْحَوَائِجُ إِلَى اللَّهِ. وَقِيلَ: تُرْفَعَ الْأَصْوَاتُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ.

وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ظَاهِرُهُ مُطْلَقُ الذِّكْرِ فَيَعُمُّ كُلَّ ذِكْرٍ عُمُومَ الْبَدَلِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَوْحِيدُهُ وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَعَنْهُ: يُتْلَى فِيهَا كِتَابُهُ. وَقِيلَ: أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى. وَقِيلَ:

يُصَلَّى فِيهَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُسَبِّحُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَبِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ، وَابْنُ وَثَّابٍ وَأَبُو حَيْوَةَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ، وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْبُحْتُرِيُّ عَنْ حَفْصٍ وَمَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو والمهال عَنْ يَعْقُوبَ وَالْمُفَضَّلِ وَأَبَانَ بِفَتْحِهَا وَبِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ وَأَحَدُ الْمَجْرُورَاتِ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الَّذِي لم يسم فَاعِلُهُ، وَالْأَوْلَى الَّذِي يَلِي الْفِعْلَ لِأَنَّ طَلَبَ الْفِعْلِ لِلْمَرْفُوعِ أَقْوَى مِنْ طَلَبِهِ لِلْمَنْصُوبِ الْفَضْلَةِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: تُسَبِّحُ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ وَفَتْحِ الْبَاءِ.

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَوَجْهُهَا أَنْ تُسْنَدَ إِلَى أَوْقَاتِ الْغُدُوِّ وَالْآصَالِ عَلَى زِيَادَةِ الْبَاءِ، وَتُجْعَلَ الأوقات مسبحة. والمراد بها كَصِيدَ عَلَيْهِ يَوْمَانِ وَالْمُرَادُ وَحْشُهُمَا انْتَهَى. وَيَجُوزُ أَنْ


(١) سورة النور: ٢٤/ ٣٩. [.....]
(٢) سورة البقرة: ٢/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>