للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ، وَكَذَا بَاقِيهَا. وَارْتِفَاعُ هُوَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ إِمَّا ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ، وَإِعْرَابُهَا أَنْ يَكُونَ إِخْرَاجُهُمْ مُبْتَدَأً وَمُحَرَّمٌ خَبَرًا، وَفِيهِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْرَاجِ، إِذِ النِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ. وَلَا يُجِيزُ الْكُوفِيُّونَ تَقْدِيمَ الْخَبَرِ إِذَا كَانَ مُتَحَمِّلًا ضَمِيرًا مَرْفُوعًا. فَلَا يُجِيزُونَ: قَائِمٌ زَيْدٌ، عَلَى أَنْ يَكُونَ قَائِمٌ خَبَرًا مُقَدَّمًا، فَلِذَلِكَ عَدَلُوا إِلَى أَنْ يَكُونَ خَبَرَ هُوَ قَوْلُهُ مُحَرَّمٌ، وَإِخْرَاجُهُمْ مَرْفُوعٌ بِهِ مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَتَبِعَهُمْ عَلَى هَذَا الَمَهْدَوِيُّ. وَلَا يُجِيزُ هَذَا الْوَجْهَ الْبَصْرِيُّونَ، لِأَنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ ضَمِيرَ الشَّأْنِ لَا يُخْبَرُ عَنْهُ إِلَّا بِجُمْلَةٍ مُصَرَّحٍ بِجُزْأَيْهَا، وَإِذَا جَعَلْتَ قَوْلَهُ مُحَرَّمٌ خَبَرًا عَنْ هو، وإخراجهم مَرْفُوعًا بِهِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَدْ فُسِّرَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ بِغَيْرِ جُمْلَةٍ. وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَأَجَازُوا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً، لَيْسَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ، بَلْ هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْرَاجِ، وَمُحَرَّمٌ خَبَرٌ عَنْهُ، وَإِخْرَاجُهُمْ بَدَلٌ. وَهَذَا فِيهِ خِلَافٌ. مِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُضْمَرُ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ. وَأَجَازَهُ الْكِسَائِيُّ، وَفِي بَعْضِ النُّقُولِ. وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ عِمَادًا، وَهُوَ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ الْبَصْرِيُّونَ بِالْفَصْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ الْخَبَرِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَإِخْرَاجُهُمْ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ، فَلَمَّا قُدِّمَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، قُدِّمَ مَعَهُ الْفَصْلُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لِأَنَّ الْوَاوَ هاهنا تَطْلُبُ الِاسْمَ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ تَطْلُبُ فِيهِ الِاسْمَ، فَالْعِمَادُ فِيهِ جَائِزٌ. وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّخْرِيجُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّ فِيهِ أَمْرَيْنِ لَا يَجُوزَانِ عِنْدَهُمْ: أَحَدُهُمَا: وُقُوعُ الْفَصْلِ بَيْنَ مَعْرِفَةٍ وَنَكِرَةٍ لَا تُقَارِبُ الْمَعْرِفَةَ، إِذِ التَّقْدِيرُ: وَإِخْرَاجُهُمْ هُوَ مُحَرَّمٌ، فَمُحَرَّمٌ نَكِرَةٌ لَا تُقَارِبُ الْمَعْرِفَةَ. الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمَ الْفَصْلِ، وَشَرْطُهُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، أَوْ بَيْنَ مَا هُمَا أَصْلُهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَسَائِلُ تُحَقَّقُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ.

وَوَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقْوَالٌ تُنْتَقَدُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ فِي هُوَ إِنَّهُ ضَمِيرُ الْأَمْرِ، تَقْدِيرُهُ: وَالْأَمْرُ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ، وَإِخْرَاجُهُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ بَدَلٌ مِنْ هُوَ. انْتَهَى مَا نَقَلَهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ ضَمِيرِ الْأَمْرِ بِمُفْرَدٍ، وَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ بَصَرِيٌّ وَلَا كُوفِيٌّ. أَمَّا الْبَصْرِيُّ، فَلِأَنَّ مُفَسِّرَ ضَمِيرِ الْأَمْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً، وَأَمَّا الْكُوفِيُّ، فَلِأَنَّهُ يُجِيزُ الْجُمْلَةَ وَيُجِيزُ الْمُفْرَدَ، إِذَا كَانَ قَدِ انْتَظَمَ مِنْهُ وَمِمَّا بَعْدَهُ مُسْنَدٌ وَمُسْنَدٌ إِلَيْهِ فِي الْمَعْنَى، نَحْوُ قَوْلِكَ: ظَنَنْتُهُ قَائِمًا الزَّيْدَانِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ إِخْرَاجَهُمْ بَدَلًا مِنْ ضَمِيرِ الْأَمْرِ، وَضَمِيرُ الْأَمْرِ لَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يُبْدَلُ مِنْهُ، وَلَا يُؤَكَّدُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:

وَقِيلَ هُوَ فَاصِلَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّ، وَلَيْسَتْ هُنَا بِالَّتِي هِيَ عِمَادٌ، وَمُحَرَّمٌ عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>