وَهُوَ مَا أَنْتَجَهُ تَكْذِيبُكُمْ وَنَفَّسَ لَهُمْ فِي حُلُولِهِ بِلَفْظَةِ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً أَيْ لَازِمًا لَهُمْ لَا يَنْفَكُّونَ مِنْهُ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ: فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَا قُرْآنٌ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ اللِّزَامَ هُنَا هُوَ يَوْمُ بَدْرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ.
وَقِيلَ: عَذَابُ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: الْمَوْتُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَوْتِ الْمُعْتَادِ بَلِ الْقَتْلِ بِبَدْرٍ. وَقِيلَ:
التَّقْدِيرُ فَسَوْفَ يَكُونُ هُوَ أَيِ الْعَذَابُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ مَنْ قَرَأَ فَسَوْفَ يَكُونُ الْعَذَابُ لِزاماً وَالْوَجْهُ أَنْ يُتْرَكَ اسْمُ كَانَ غَيْرَ مَنْطُوقٍ به بعد ما عُلِمَ أَنَّهُ مِمَّا تُوُعِّدَ بِهِ لِأَجْلِ الْإِبْهَامِ وَتَنَاوُلِ مَا لَا يَكْتَنِهُهُ الْوَصْفُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَوْفَ يَكُونُ هُوَ أَيِ التَّكْذِيبُ لِزاماً أَيْ لَازِمًا لَكُمْ لَا تُعْطَوْنَ تَوْبَةً ذَكَرَهُ الزَّهْرَاوِيُّ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْخِطَابُ إِلَى النَّاسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ عَابِدُونَ وَمُكَذِّبُونَ عَاصُونَ، فَخُوطِبُوا بِمَا وُجِدَ فِي جِنْسِهِمْ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّكْذِيبِ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ يَقُولُ إِذَا أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّ حُكْمِي أَنِّي لَا أَعْتَدُّ إِلَّا بِعِبَادَتِهِمْ، فَقَدْ خَالَفْتُمْ بِتَكْذِيبِكُمْ حُكْمِي فَسَوْفَ يَلْزَمُكُمْ أَثَرُ تَكْذِيبِكُمْ حَتَّى يَكُبَّكُمْ فِي النَّارِ. وَنَظِيرُهُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ الْمَلِكُ لِمَنْ عَصَى عَلَيْهِ: إِنَّ مِنْ عَادَتِي أَنْ أُحْسِنَ إِلَى مَنْ يُطِيعُنِي وَيَتَّبِعُ أَمْرِي، فَقَدْ عَصَيْتَ فَسَوْفَ تَرَى مَا أُحِلُّ بِكَ بِسَبَبِ عِصْيَانِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَسَوْفَ تَكُونُ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ فَسَوْفَ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لِزاماً بِكَسْرِ اللَّامِ. وَقَرَأَ الْمِنْهَالُ وَأَبَانُ بن ثعلب وأبو السماك بِفَتْحِهَا مَصْدَرٌ يَقُولُ لَزِمَ لُزُومًا وَلِزَامًا، مِثْلُ ثَبَتَ ثُبُوتًا وَثَبَاتًا. وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى كَسْرِ اللَّامِ لصخر الغي:
فأما ينج مِنْ حَتْفِ أَرْضٍ ... فَقَدْ لَقِيَا حُتُوفَهُمَا لِزَامَا
وَنَقَلَ ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ أَبِي السَّمَّاكِ أَنَّهُ قَرَأَ لَزَامِ عَلَى وَزْنِ حَذَامِ جَعَلَهُ مَصْدَرًا مَعْدُولًا عَنِ اللَّزَمَةِ كَفُجَّارٍ مَعْدُولٍ عَنِ الْفَجَرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute