الْإِسْنَادِ إِلَيْهِمَا مِمَّا يَكَادُ يَلْزَمُ تَقْدِيمُهُ، قَالُوا نَحْوَ قَوْلِكَ غَيْرُكَ يُخْشَى ظُلْمَهُ، وَمِثْلُكَ يَكُونُ لِلْمَكْرُمَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا يُقْصَدُ فِيهِ بِمِثْلٍ إِلَى إِنْسَانٍ سِوَى الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، وَمُوجَبِ الْعُرْفِ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ:
غَيْرِي بِأَكْثَرِ هَذَا النَّاسُ يَنْخَدِعُ غَرَضُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَنْخَدِعُ وَيَغْتَرُّ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا إِذَا لَمْ يُقَدَّمَا نَحْوَ:
يَكُونُ لِلْمَكْرُمَاتِ مِثْلُكَ، وَيَنْخَدِعُ بِأَكْثَرِ هَذَا النَّاسُ غَيْرِي، فَأَنْتَ تَرَى الْكَلَامَ مَقْلُوبًا عَلَى جِهَتِهِ.
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، الْغَضَبُ: تَغَيُّرُ الطَّبْعِ لِمَكْرُوهٍ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِعْرَاضِ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ. لَا حَرْفٌ يَكُونُ لِلنَّفْيِ وَلِلطَّلَبِ وَزَائِدًا، وَلَا يَكُونُ اسْمًا خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ. وَلَا الضَّالِّينَ، وَالضَّلَالُ: الْهَلَاكُ، وَالْخَفَاءُ ضَلَّ اللَّبَنُ فِي الْمَاءِ، وَقِيلَ أَصْلُهُ الْغَيْبُوبَةُ فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي، وَضَلَلْتُ الشَّيْءَ جَهِلْتُ الْمَكَانَ الَّذِي وَضَعْتُهُ فِيهِ، وَأَضْلَلْتُ الشَّيْءَ ضَيَّعْتُهُ، وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ، وَضَلَّ غَفَلَ وَنَسِيَ، وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما، والضلال سلوك سبيل غَيْرَ الْقَصْدِ، ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ سَلَكَ غَيْرَ جَادَّتِهَا، وَالضَّلَالُ الْحَيْرَةُ، وَالتَّرَدُّدُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِحَجَرٍ أَمْلَسٍ يُرَدِّدُهُ الْمَاءُ فِي الْوَادِي ضَلْضَلَهُ، وَقَدْ فُسِّرَ الضَّلَالُ فِي الْقُرْآنِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِتَفْصِيلِ الْأُمُورِ وَبِالْمَحَبَّةِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ، وَالْجَرُّ فِي غَيْرِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَرَوَى الْخَلِيلُ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ النَّصْبَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. فَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الَّذِينَ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمْ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ غَيْرًا أَصْلُ وَضْعِهِ الْوَصْفُ، وَالْبَدَلُ بِالْوَصْفِ ضَعِيفٌ، أَوْ عَلَى النَّعْتِ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ غَيْرُ تَعَرَّفَتْ بِمَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ، إِذْ هُوَ مَعْرِفَةٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ سِيبَوَيْهِ، فِي أَنَّ كُلَّ مَا إِضَافَتُهُ غَيْرُ مَحْضَةٍ قَدْ تَتَمَحَّضُ فَيَتَعَرَّفُ إِلَّا فِي الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، أَوْ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ السَّرَّاجِ، إِذْ وَقَعَتْ غَيْرُ عَلَى مَخْصُوصٍ لَا شَائِعٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أُرِيدَ بِهِمُ الْجِنْسُ لَا قَوْمَ بِأَعْيَانِهِمْ. قَالُوا كَمَا وَصَفُوا الْمُعَرَّفَ بَأَلِ الْجِنْسِيَّةِ بِالْجُمْلَةِ، وَهَذَا هَدْمٌ لِمَا اعْتَزَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ، وَلَا أَخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَتَقْرِيرُ فَسَادِهِ فِي النَّحْوِ وَالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمْ، وَهُوَ الْوَجْهُ أَوْ مِنَ الَّذِينَ قَالَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الْحَالَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الَّذِي لَا مَوْضِعَ لَهُ لَا يَجُوزُ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute