للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَذَا زَمَانُهُ، وَوَصَفُوا نَعْتَهُ، وَخَلَطُوا فِي أمر محمد عليه السلام، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ

، وَيُؤَيِّدُ هَذَا كَوْنُ الْآيَةِ مَكِّيَّةً. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ مدنية.

وعُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَنَحْوُهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ أَسْلَمُوا وَنَصُّوا عَلَى مَوَاضِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ذُكِرَ فِيهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ تَعَالَى: وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا «١» الْآيَةَ. وَقِيلَ:

عُلَمَاؤُهُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ. وَقِيلَ: أَنْبِيَاؤُهُمْ، حَيْثُ نَبَّهُوا عَلَيْهِ وَأَخْبَرُوا بِصِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَوَلَمْ يَكُنْ، بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ، آيَةً: بِالنَّصْبِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ وَاضِحَةُ الْإِعْرَابِ تَوَسَّطَ خَبَرُ يكن، وأَنْ يَعْلَمَهُ: هُوَ الِاسْمُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَالْجَحْدَرِيُّ: تَكُنْ بالتاء من فوق، آية: بِالرَّفْعِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جُعِلَتْ آيَةٌ اسْمًا، وَأَنْ يَعْلَمَهُ خَبَرًا، وَلَيْسَتْ كَالْأُولَى لِوُقُوعِ النَّكِرَةِ اسْمًا وَالْمَعْرِفَةِ خَبَرًا، وَقَدْ خُرِّجَ لَهَا وَجْهٌ آخَرُ لِيُتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ: فِي تَكُنْ ضَمِيرُ القصة، وآية أَنْ يَعْلَمَهُ جُمْلَةٌ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْخَبَرِ، وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ آية جملة الشأن، وأن يَعْلَمَهُ بَدَلًا مِنْ آيَةً. انْتَهَى. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكُنْ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ، آيَةً بِالنَّصْبِ، كَقِرَاءَةِ مَنْ قرأ: لم ثم تَكُنْ، بِتَاءِ التَّأْنِيثِ، فِتْنَتُهُمْ بِالنَّصْبِ، إِلَّا أَنْ قالُوا «٢» ، وَكَقَوْلِ لَبِيَدٍ:

فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً ... مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا

وَدَلَّ ذَلِكَ إِمَّا عَلَى تَأْنِيثِ الِاسْمِ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ، وَإِمَّا لِتَأْوِيلِ أَنْ يَعْلَمَهُ بِالْمَعْرِفَةِ، وَتَأْوِيلِ إِلَّا أَنْ قالُوا بِالْمَقَالَةِ، وَتَأْوِيلِ الْإِقْدَامِ بِالْإِقْدَامَةِ. وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ: أَنْ تَعْلَمَهُ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ ... يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضِرَارًا لِأَقْوَامِ

وكتب في المصحف: علموا بِوَاوٍ بَيْنَ الْمِيمِ وَالْأَلِفِ. قِيلَ: عَلَى لُغَةِ مَنْ يميل ألف علموا إِلَى الْوَاوِ، كَمَا كَتَبُوا الصلاة وَالزَّكَوةَ وَالرِّبَوا عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْأَعْجَمِي الَّذِي لَا يُفْصِحُ، وَفِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ وَاسْتِعْجَامٌ، وَالْأَعْجَمِيُّ مِثْلُهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ لِزِيَادَةِ يَاءِ النِّسْبَةِ زِيَادَةَ تَوْكِيدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْأَعْجَمُونَ جَمْعُ أَعْجَمَ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُفْصِحُ، وَإِنْ كَانَ عَرَبِيَّ النَّسَبِ يُقَالُ لَهُ أَعْجَمُ، وَذَلِكَ يُقَالُ لِلْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ، وَمِنْهُ

قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» . وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ قَالَ، حِينَ قَرَأَ هَذِهِ الآية


(١) سورة القصص: ٢٨/ ٥٣.
(٢) سورة الأنعام: ٦/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>