للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبْعَةِ: بِالْإِضَافَةِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَضَافَ الشِّهَابَ إِلَى الْقَبَسِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ قَبَسًا وَغَيْرَ قَبَسٍ، وَاتَّبَعَ فِي ذَلِكَ أَبَا الْحَسَنِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْإِضَافَةُ أَجْوَدُ وَأَكْثَرُ فِي الْقِرَاءَةِ، كَمَا تَقُولُ: دَارُ آجُرٍّ، وَسَوَارُ ذَهَبٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي جاءَها عَائِدٌ عَلَى النَّارِ، وَقِيلَ: عَلَى الشَّجَرَةِ، وَكَانَ قَدْ رَآهَا فِي شَجَرَةِ سَمُرٍ خضراء. وَقِيلَ: عَلِيقٍ، وَهِيَ لَا تُحْرِقُهَا، كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهَا بعدت. ونُودِيَ المفعول الذي لم يسم فَاعِلُهُ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السلام. وأَنْ عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُفَسِّرَةً لِوُجُودِ شَرْطِ الْمُفَسِّرَةِ فِيهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً. أَمَّا الثُّنَائِيَّةَ الَّتِي تَنْصِبُ الْمُضَارِعَ، وَبُورِكَ صِلَةٌ لَهَا، وَالْأَصْلُ حَرْفِ الْجَرِّ، أَيْ بِأَنَّ بُورِكَ، وَبُورِكَ خَبَرٌ. وَأَمَّا الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ فَأَصْلُهَا حَرْفُ الْجَرِّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَتَقْدِيرُهُ بِأَنَّهُ بُورِكَ، وَالضَّمِيرُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْقِصَّةِ؟ قُلْتُ: لَا، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَدْ. فَإِنْ قُلْتَ: فَعَلَى إِضْمَارِهَا؟ قُلْتُ: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ وَلَا تُحْذَفُ. انْتَهَى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَبُورِكَ فِعْلُ دُعَاءٍ، كَمَا تَقُولُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ. وَإِذَا كَانَ دُعَاءً، لَمْ يَجُزْ دُخُولُ قَدْ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها «١» فِي قِرَاءَةِ مَنْ جَعَلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا، وَكَقَوْلِ الْعَرَبِ: إِمَّا أَنْ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَإِمَّا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ، وَكَانَ الزَّمَخْشَرِيُّ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ بُورِكَ خَبَرٌ لَا دُعَاءٌ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَأَجَازَ الزَّجَّاجُ أَنْ تَكُونَ أَنْ بُورِكَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهُوَ عَلَى إِسْقَاطِ الْخَافِضِ، أَيْ نودي بأن بُورِكَ، كَمَا تَقُولُ: نُودِيَ بِالرُّخَصِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنِ الثُّنَائِيَّةَ، أَوِ الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ، فَيَكُونُ بُورِكَ دُعَاءً. وَقِيلَ: الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ هُوَ ضَمِيرُ النِّدَاءِ، أَيْ نُودِيَ هُوَ، أَيِ النِّدَاءَ، ثُمَّ فُسِّرَ بِمَا بَعْدَهُ. وَبُورِكَ مَعْنَاهُ: قُدِّسَ وَطُهِّرَ وَزِيدَ خَيْرُهُ، وَيُقَالُ: بَارَكَكَ اللَّهُ، وَبَارَكَ فِيكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَبَارَكَ لَكَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَبُورِكْتَ مَوْلُودًا وَبُورِكْتَ نَاشِئًا ... وَبُورِكْتَ عِنْدَ الشَّيْبِ إِذْ أَنْتَ أَشِيبُ

وَقَالَ آخَرُ:

بُورِكَ الْمَيِّتُ الْغَرِيبُ كَمَا ... بُورِكَ نَبْعُ الرُّمَّانِ وَالزَّيْتُونِ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ:

فَبُورِكَ فِي بَنِيكَ وَفِي بَنِيهِمْ ... إِذَا ذُكِرُوا ونحن لك الفداء


(١) سورة النور: ٢٤/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>