للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتْحِ الْهَمْزَةِ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ كَيْفَ، قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْبَدَلَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ يَلْزَمُ فِيهِ إِعَادَةُ حَرْفِهِ، كَقَوْلِهِ: كَيْفَ زِيدٌ، أَصَحِيحٌ أَمْ مَرِيضٌ؟

وَلَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِالنَّظَرِ فِيمَا جَرَى لَهُمْ مِنَ الْهَلَاكِ فِي أَنْفُسِهِمْ، بَيَّنَ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَكَيْفَ خَلَتْ مِنْهُمْ، وَخَرَابُ الْبُيُوتِ وَخُلُوُّهَا مِنْ أَهْلِهَا، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ مِمَّا يُعَاقَبُ بِهِ الظَّلَمَةُ، إِذْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِئْصَالِهِمْ. وَفِي التَّوْرَاةِ: ابْنُ آدَمَ لَا تَظْلِمْ يُخْرَبْ بَيْتُكَ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى هَلَاكِ الظَّالِمِ، إِذْ خَرَابُ بَيْتِهِ مُتَعَقِّبٌ هَلَاكَهُ، وَهَذِهِ الْبُيُوتُ هِيَ الَّتِي

قَالَ فِيهَا رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ، عَامَ تَبُوكَ: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ»

، الْحَدِيثَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: خَاوِيَةً، بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَمِلَ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ تِلْكَ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: خَاوِيَةٌ، بِالرَّفْعِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمَحْذُوفِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، أَيْ هِيَ خَاوِيَةٌ، قَالَ: أَوْ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ تِلْكَ، وَبُيُوتُهُمْ بَدَلٌ، أَوْ على خبر ثان، وخاوية خَبَرِيَّةٌ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ، وَهُوَ الْكُفْرُ، وَهُوَ مِنْ خُلُوِّ الْبَطْنِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَاوِيَةٌ، أَيْ سَاقِطٌ أَعْلَاهَا عَلَى أَسْفَلِهَا. إِنَّ فِي ذلِكَ: أَيَ فِي فِعْلِنَا بِثَمُودَ، وَهُوَ اسْتِئْصَالُنَا لَهُمْ بِالتَّدْمِيرِ، وَخَلَاءِ مَسَاكِنِهِمْ مِنْهُمْ، وَبُيُوتُهُمْ هِيَ بَوَادِي الْقُرَى بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ.

وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا، أَيْ بِصَالِحٍ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي حَلَّ بِالْكُفَّارِ، وَكَانَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، خَرَجَ بِهِمْ صَالِحٌ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، وَسُمِّيَتْ حَضْرَمَوْتَ لِأَنَّ صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَخَلَهَا مَاتَ بِهَا، وَبَنَى الْمُؤْمِنُونَ بِهَا مَدِينَةً يُقَالُ لَهَا: حَاضُورَا. وَأَمَّا الْهَالِكُونَ فَخَرَجَ بِأَبْدَانِهِمْ خُرَاجٌ مِثْلُ الْحِمَّصِ، احْمَرَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ اصْفَرَّ فِي الثَّانِي، ثُمَّ اسْوَدَّ فِي الثَّالِثِ، وَكَانَ عَقْرُ النَّاقَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَهَلَكُوا يَوْمَ الْأَحَدِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: تَفَتَّقَتْ تِلْكَ الْخُرَاجَاتُ، وَصَاحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِمْ صَيْحَةً فَخَمَدُوا.

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ.

وَلُوطاً: عَطْفٌ عَلَى صالِحاً، أَيْ وَأَرْسَلْنَا لوطا، أو الَّذِينَ على آمَنُوا، أَيْ وَأَنْجَيْنَا لُوطًا، أو باذكر مُضْمَرَةٍ، وَإِذْ بَدَلٌ مِنْهُ، أقوال. وأَ تَأْتُونَ: اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَتَوْبِيخٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>