وَشَكْلِهَا، وَمَحَلِّ خُرُوجِهَا، وَعَدَدِ خُرُوجِهَا، وَمِقْدَارِ مَا تَخْرُجُ مِنْهَا، وَمَا تَفْعَلُ بِالنَّاسِ، وَمَا الَّذِي تَخْرُجُ بِهِ، اخْتِلَافًا مُضْطَرِبًا مُعَارِضًا بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَاطَّرَحْنَا ذِكْرَهُ، لِأَنَّ نَقْلَهُ تَسْوِيدٌ لِلْوَرَقِ بِمَا لَا يَصِحُّ، وَتَضْيِيعٌ لِزَمَانِ نَقْلِهِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: تُكَلِّمُهُمْ، بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، مِنَ الْكَلَامِ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ: تُنَبِّئُهُمْ، وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ: تُحَدِّثُهُمْ، وَهِيَ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ وَقِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ: بِأَنَّ النَّاسَ. قَالَ السُّدِّيُّ: تُكَلِّمُهُمْ بِبُطْلَانِ سَائِرِ الْأَدْيَانِ سِوَى الْإِسْلَامِ. وقيل:
نخاطبهم، فَتَقُولُ لِلْمُؤْمِنِ: هَذَا مُؤْمِنٌ، وَلِلْكَافِرِ: هَذَا كَافِرٌ. وَقِيلَ مَعْنَى تُكَلِّمُهُمْ: تَجْرَحُهُمْ مِنَ الْكَلْمِ، وَالتَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَالْجَحْدَرَيِّ، وَأَبِي حَيْوَةَ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: تَكْلِمُهُمْ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ مُخَفَّفَ اللَّامِ، وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: تَجْرَحُهُمْ مَكَانَ تَكْلِمُهُمْ. وَسَأَلَ أَبُو الْحَوْرَاءِ ابْنَ عَبَّاسٍ: تُكَلِّمُ أَوْ تَكْلِمُ؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ تَفْعَلُ، تُكَلِّمُ الْمُؤْمِنَ وَتَكْلِمُ الْكَافِرَ. انْتَهَى. وَرُوِيَ: أَنَّهَا تَسِمُ الْكَافِرَ فِي جَبْهَتِهِ وَتُرْبِدُهُ، وَتَمْسَحُ عَلَى وَجْهِ الْمُؤْمِنِ فَتُبَيِّضُهُ.
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّاسَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: بِأَنَّ وَتَقَدَّمَ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: إِنَّ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، فَاحْتُمِلَ الْكَسْرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ: بِآياتِنا، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الدَّابَّةِ. وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكُسِرَتْ إِنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ، إِمَّا عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَوْ عَلَى إِجْرَاءِ تُكَلِّمُهُمْ إِجْرَاءَ تَقُولُ لَهُمْ. وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بِآياتِنا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَوْ لِاخْتِصَاصِهَا بِاللَّهِ كَمَا تَقُولُ بَعْضُ خَوَاصِّ الْمَلِكِ: خَيْلُنَا وَبِلَادُنَا، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ، فَالتَّقْدِيرُ بِأَنَّ كَقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ متعلق بتكلمهم، أَيْ تُخَاطِبُهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ الْمَنْطُوقُ بِهَا أَوِ الْمُقَدَّرَةُ سَبَبِيَّةً، أَيْ تُخَاطِبُهُمْ أَوْ تَجْرَحُهُمْ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ إِيقَانِهِمْ بِآيَاتِنَا.
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ، أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ، وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ، مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute