للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ الْفِعْلِ حَتَّى انْقَطَعَتِ الطُّرُقُ، أَوْ بِالْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ، أَوْ بِقُبْحِ الْأُحْدُوثَةِ حَتَّى تَنْقَطِعَ سُبُلُ النَّاسِ فِي التِّجَارَاتِ. وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ: أَيْ فِي مَجْلِسِكُمُ الَّذِي تَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، إِذْ أَنْدِيَتُهُمْ فِي مَدَائِنِهِمْ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُسَمَّى نَادِيًا إِلَّا مَا دَامَ فِيهِ أَهْلُهُ، فَإِذَا قَامُوا عَنْهُ، لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ نَادٍ إِلَّا مَجَازًا.

والْمُنْكَرَ:

مَا تُنْكِرُهُ الْعُقُولُ وَالشَّرَائِعُ وَالْمُرُوءَاتُ، حَذْفُ النَّاسِ بِالْحَصْبَاءِ، وَالِاسْتِخْفَافُ بِالْغَرِيبِ الْخَاطِرِ، وروت أم هانىء، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَوْ إِتْيَانُ الرِّجَالِ فِي مَجَالِسِهِمْ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَهُ مَنْصُورٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقَتَادَةُ بْنُ زَيْدٍ أَوْ تَضَارُطُهُمْ أَوْ تَصَافُعُهُمْ فِيهَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أو لَعِبُ الْحَمَامِ أَوْ تَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ بِالْحِنَّاءِ، وَالصَّفِيرُ، وَالْحَذْفُ، وَنَبْذُ الْحَيَاءِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا، أَوْ الْحَذْفُ بِالْحَصَى، وَالرَّمْيُ بِالْبَنَادِقِ، وَالْفَرْقَعَةُ، وَمَضْغُ الْعَلَكِ، وَالسِّوَاكُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَلُّ الْأَزْرَارِ، وَالسِّبَابَةُ، وَالْفُحْشُ فِي الْمِزَاحِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا مَعَ شِرْكِهِمْ بِاللَّهِ. كَانَتْ فِيهِمْ ذُنُوبٌ غَيْرُ الْفَاحِشَةِ، تَظَالُمٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبَشَاعَةٌ، وَمَضَارِيطُ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَحَذْفٌ، وَلَعِبٌ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ، وَلُبْسُ الْمُصَبَّغَاتِ، وَلِبَاسُ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ، وَالْمُكُوسُ عَلَى كُلِّ عَابِرٍ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ لَاطَ وَمَنْ سَاحَقَ.

وَلَمَّا وَقَّفَهُمْ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقَبَائِحِ، أَصَرُّوا عَلَى اللِّجَاجِ فِي التَّكْذِيبِ، فَكَانَ جَوَابُهُمْ لَهُ: أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فِيمَا تَعِدُنَا بِهِ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ، قَالُوا ذَلِكَ وَهُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى اعْتِقَادِ كَذِبِهِ فِيمَا وَعَدَهُمْ بِهِ. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ، الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ أَوَّلًا قَالُوا: ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ، ثُمَّ أَنَّهُ كَثُرَ مِنْهُ الْإِنْكَارُ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ نَهْيًا وَوَعْظًا وَوَعِيدًا، قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ. وَلَمَّا كَانَ إِنَّمَا يَأْمُرُهُمْ بِتَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ مِنْ قَبِيحِ الْمَعَاصِي، وَيَعِدُ عَلَى ذَلِكَ بِالْعَذَابِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحَرِّمْ هَذَا وَلَا يُعَذِّبُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ وَيُعَذِّبُ عَلَيْهِ، قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ، فَكَانُوا أَلْطَفَ فِي الْجَوَابِ مِنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ بِقَوْلِهِمْ: اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَذُمُّ آلِهَتَهُمْ، وَعَهِدَ إِلَى أَصْنَامِهِمْ فَكَسَرَهَا، فَكَانَ فِعْلُهُ هَذَا مَعَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ قَوْلِ لُوطٍ لِقَوْمِهِ، فَكَانَ جَوَابُهُمْ لَهُ: أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ.

ثُمَّ اسْتَنْصَرَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَبُعِثَ مَلَائِكَةٌ لِعَذَابِهِمْ، وَرَجْمِهِمْ بِالْحَاصِبِ، وَإِفْسَادِهِمْ بِحَمْلِ النَّاسِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي طَوْعًا وَكَرْهًا، وَخُصُوصًا تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ الْمُبْتَدَعَةَ. بِالْبُشْرى: هِيَ بِشَارَتُهُ بِوَلَدِهِ إِسْحَاقَ، وَبِنَافِلَتِهِ يَعْقُوبَ، وَبِنَصْرِ لُوطٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>