بِالْإِدْغَامِ فِي يُوسُفَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: السُّوءَ، بِالتَّذْكِيرِ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ عَامِرٍ:
عاقِبَةَ، بِالنَّصْبِ، خَبَرَ كَانَ، والاسم السوأى، أو السوء مفعول، وكذبوا الِاسْمُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْ بِمَعْنَى: أَيْ تَفْسِيرُ الْإِسَاءَةِ التَّكْذِيبُ وَالِاسْتِهْزَاءُ، كَانَتْ فِي بِمَعْنَى الْقَوْلِ، نَحْوُ: نَادَى وَكَتَبَ. وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَساؤُا السُّواى بِمَعْنَى:
اقْتَرَفُوا الْخَطِيئَةَ الَّتِي هي أسوأ الخطايات، وأَنْ كَذَّبُوا عطف بيان لها، وَخَبَرُ كَانَ مَحْذُوفٌ، كَمَا يُحْذَفُ جَوَابُ لَمَّا وَلَوْ إِرَادَةَ الْإِبْهَامِ. انْتَهَى. وَكَوْنُ أَنْ هُنَا حَرْفَ تَفْسِيرٍ مُتَكَلِّفٌ جِدًّا. وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَايَاتِ فَكَذَا هُوَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي طَالَعْنَاهَا، جُمِعَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ، وَذَلِكَ لَا يَنْقَاسُ، إِنَّمَا يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ السَّمَاعِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةُ التَّاءِ فِي الْخَطَايَاتِ مِنَ النَّاسِخِ. وَأَمَّا قوله: أَنْ كَذَّبُوا عطف بيان لها، أي للسوأى، وَخَبَرُ كَانَ مَحْذُوفٌ إِلَخْ. فَهَذَا فَهْمٌ أَعْجَمِيٌّ، لِأَنَّ الْكَلَامَ مُسْتَقِلٌّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ بِلَا حَذْفٍ، فَيَتَكَلَّفُ له محذوفا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ. وَأَصْحَابُنَا لَا يُجِيزُونَ حَذْفَ خَبَرِ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا، لَا اقْتِصَارًا وَلَا اخْتِصَارًا، إِلَّا إِنْ وَرَدَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَا يَنْقَاسُ عَلَيْهِ.
وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَطَلْحَةُ: يبدىء، بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَالْجُمْهُورُ: بِفَتْحِهَا وَالْأَبَوَانِ: يُرْجَعُونَ، بِيَاءِ الْغَيْبَةِ وَالْجُمْهُورُ: بِتَاءِ الْخِطَابِ، أَيْ إِلَى ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ وَالْجُمْهُورُ: يُبْلِسُ، بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَلِيٌّ وَالسُّلَمِيُّ: بِفَتْحِهَا، مِنْ أَبْلَسَهُ إِذَا أَسْكَتَهُ وَالْجُمْهُورُ: وَلَمْ يَكُنْ، بِالْيَاءِ وَخَارِجَةُ وَالْأَرِيسُ، كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، وَابْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالْأَنْطَاكِيُّ عَنْ شَيْبَةَ: بِتَاءِ التَّأْنِيثِ. مِنْ شُرَكائِهِمْ: مِنَ الَّذِينَ عَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَهِيَ الْأَوْثَانُ، وَأُضِيفُوا إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمُ اتَّخَذُوهَا بِزَعْمِهِمْ شُرَكَاءَ لِلَّهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْمُرَادُ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ شُفَعَاءُ لِلَّهِ، كَمَا زَعَمُوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى «١» . وَكانُوا مَعْنَاهُ: وَيَكُونُ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِمْ أَمْرَ اللَّهِ وَفَسَادَ حَالِ الْأَصْنَامِ عَبَّرَ بِالْمَاضِي، لِتَيَقُّنِ الْأَمْرِ وَصِحَّةِ وقوعه. وكتب السوأى بِالْأَلِفِ قَبْلَ الْيَاءِ، كَمَا كَتَبُوا عُلَمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِوَاوٍ قَبْلَ الْأَلِفِ وَالتَّنْوِينُ فِي يَوْمَئِذٍ، تَنْوِينُ عِوَضٍ مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ، أَيْ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ، يَوْمَ إِذْ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ. وَالضَّمِيرُ فِي يَتَفَرَّقُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ، لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، إذ قبله: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ فُرْقَةٌ، لَا اجتماع بعدها.
(١) سورة الزمر: ٣٩/ ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute