للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتٍ وَاحِدٍ خَاصٍّ يَعُمُّ جميع بيوته. وإِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ تَقْدِيرُهُ: وَقْتَ أن يؤذن لكم، وغَيْرَ ناظِرِينَ: حَالٌ مِنْ لَا تَدْخُلُوا، أَوْقَعَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْوَقْتِ وَالْحَالِ مَعًا، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا وَقْتَ الْإِذْنِ، وَلَا تَدْخُلُوهَا إِلَّا غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ. انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ وَتَقْدِيرُهُ:

وَقْتَ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، وَأَنَّهُ أَوْقَعَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْوَقْتِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةَ لَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ. تَقُولُ: أَجِيئُكَ صِيَاحَ الدِّيكِ وَقُدُومَ الْحَاجِّ، وَلَا يَجُوزُ: أَجِيئُكَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ وَلَا أَنْ يَقْدِمَ الْحَاجُّ. وَإِمَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَعَ عَلَى الْوَقْتِ وَالْحَالِ مَعًا، فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، وَلَا يَقَعُ بَعْدُ إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاءِ إِلَّا الْمُسْتَثْنَى، أَوِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، أَوْ صِفَةُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ: وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ ذَلِكَ فِي الْحَالِ، أَجَازَا:

مَا ذَهَبَ الْقَوْمُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمْعَةِ رَاحِلِينَ عَنَّا، فَيَجُوزُ مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْحَالِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا، لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: إِلَّا بِأَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ «١» ، أَوْ لِلْحَالِ، أَيْ مَصْحُوبِينَ بِالْإِذْنِ. وَأَمَّا غَيْرَ ناظِرِينَ، كَمَا قَرَّرَ فِي قَوْلِهِ: بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ «٢» . أَرْسَلْنَاهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ، دَلَّ عَلَيْهِ لَا تَدْخُلُوا، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَرْسَلْنَاهُمْ قَوْلُهُ: وَمَا أَرْسَلْنَا. وَمَعْنَى غَيْرَ ناظِرِينَ فَحَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: ادْخُلُوا بِالْإِذْنِ غَيْرَ نَاظِرِينَ. كَمَا قَرَّرَ فِي قَوْلِهِ: بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ، أَيْ غَيْرَ مُنْتَظِرِينَ وَقْتَهُ، أَيْ وَقْتَ اسْتِوَائِهِ وَتَهْيِئَتِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: غَيْرَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: بِالْكَسْرِ، صِفَةً لِطَعَامٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ، لِأَنَّهُ جَرَى عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ، فَمِنْ حَقِّ ضَمِيرِ مَا هُوَ لَهُ أن يبرز من إِلَى اللَّفْظِ، فَيُقَالُ: غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ أَنْتُمْ، كَقَوْلِهِ: هِنْدٌ زَيْدٌ ضَارَبَتْهُ هِيَ. انْتَهَى. وَحَذْفُ هَذَا الضَّمِيرِ جائز عند الْكُوفِيِّينَ إِذَا لَمْ يُلْبِسْ وَأَنَى الطَّعَامِ إِدْرَاكُهُ، يُقَالُ: أَنَى الطَّعَامُ أَنًى، كَقَوْلِهِ: قَلَاهُ قَلًى، وَقِيلَ: وَقْتُهُ، أَيْ غَيْرَ نَاظِرِينَ سَاعَةَ أَكْلِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِنَاهُ مفردا والأعمش: إناءه، بِمَدَّةٍ بَعْدَ النُّونِ. وَرَتَّبَ تَعَالَى الدُّخُولَ عَلَى أَنْ يُدْعَوْا، فَلَا يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِ الدُّخُولَ حِينَ يُدْعَوْا، ثُمَّ أَمَرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ إِذَا طَعِمُوا. وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ: مَعْطُوفٌ عَلَى ناظِرِينَ، فَهُوَ مَجْرُورٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى غَيْرَ، فَهُوَ مَنْصُوبٌ، أَيْ لَا تَدْخُلُوهَا لَا نَاظِرِينَ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ. وَقِيلَ: ثَمَّ حَالٌ مَحْذُوفَةٌ، أَيْ لَا تَدْخُلُوهَا أَجْمَعِينَ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ، فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ. وَاللَّامُ فِي لِحَدِيثٍ إِمَّا لَامُ الْعِلَّةِ، نُهُوا أَنْ يُطِيلُوا الْجُلُوسَ يَسْتَأْنِسُ


(١) سورة الأعراف: ٧/ ٥٧.
(٢) سورة آل عمران: ٣/ ١٨٤، وسورة النحل: ١٦/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>