وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: ابْنُ آدَمَ قَابِيلُ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ، وَكَانَ قَدْ تَحَمَّلَ لِأَبِيهِ أَمَانَةً أَنْ يَحْفَظَ الْأَهْلَ بَعْدَهُ، وَكَانَ آدَمُ مُسَافِرًا عَنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَرْضُ الْأَمَانَةِ: وَضْعُ شَوَاهِدِ الْوَحْدَانِيَّةِ فِي الْمَصْنُوعَاتِ: وَالْحَمْلُ: الْخِيَانَةُ، كَمَا تَقُولُ: حَمَلَ خُفِّي وَاحْتَمَلَهُ، أَيْ ذَهَبَ بِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَبْرَحْ تُؤَدِّي أَمَانَةً ... وَتَحْمِلُ أُخْرَى أخرجتك الْوَدَائِعُ
انْتَهَى. وَلَيْسَ وَتَحْمِلُ أُخْرَى نَصًّا فِي الذَّهَابِ بِهَا، بَلْ يَحْتَمِلُ لِأَنَّكَ تَتَحَمَّلُ أُخْرَى، فَتُؤَدِّي وَاحِدَةً وَتَتَحَمَّلُ أُخْرَى، فَلَا تَزَالُ دَائِمًا ذَا أَمَانَاتٍ، فَتَخْرُجُ إِذْ ذَاكَ.
وَاللَّامُ فِي لِيُعَذِّبَ لَامُ الصَّيْرُورَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهَا لِأَنْ يُعَذَّبَ، لَكِنَّهُ حَمَلَهَا فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ يُعَذِّبَ مَنْ نَافَقَ وَأَشْرَكَ، وَيَتُوبَ عَلَى مَنْ آمَنَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَامُ التَّعْلِيلِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ، لِأَنَّ نَتِيجَةَ حَمْلِ الْأَمَانَةِ الْعَذَابُ، كَمَا أَنَّ التَّأْدِيبَ فِي: ضَرَبْتُهُ لِلتَّأْدِيبِ، نَتِيجَةَ الضَّرْبِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: فَيَتُوبُ، يَعْنِي بِالرَّفْعِ، بِجَعْلِ الْعِلَّةِ قَاصِرَةً عَلَى فِعْلِ الحامل، ويبتدىء وَيَتُوبُ. وَمَعْنَى قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ حَامِلَ الْأَمَانَةِ وَيَتُوبَ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَحْمِلْهَا، لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي وَكَانَ ذَلِكَ نَوْعَانِ مِنْ عَذَابِ الْقِتَالِ. انْتَهَى.
وَذَهَبَ صَاحِبُ الْلَوَامِحِ أَنَّ الْحَسَنَ قَرَأَ وَيَتُوبُ بِالرَّفْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute