للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمْلَةِ فِي سُورَةِ الرُّومِ. وَهُنَاكَ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً «١» : اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ عَنْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَهُنَا: وَكانُوا: أَيْ وَقَدْ كَانُوا، فَالْجُمْلَةُ حَالٌ، فَهُمَا مَقْصِدَانِ. وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ: أَيْ لِيَفُوتَهُ وَيَسْبِقَهُ، مِنْ شَيْءٍ: أي شيء، ومِنْ لِاسْتِغْرَاقِ الْأَشْيَاءِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً: فَبِعِلْمِهِ يَعْلَمُ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ، فَلَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ، وَبِقُدْرَتِهِ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى حِلْمَهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ فَقَالَ: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا: أَيْ مِنَ الشِّرْكِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ، وَهُوَ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي النَّحْلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِظُلْمِهِمْ «٢» ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي النَّحْلِ، وَهُنَاكَ عَلَيْها «٣» ، وَهُنَا عَلَى ظَهْرِها، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَرْضِ، إِلَّا أَنَّ هُنَاكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، وَهُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ عَلَى مَلْفُوظٌ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ. وَلَمَّا كَانَتْ حَامِلَةً لِمَنْ عَلَيْهَا، اسْتُعِيرَ لَهَا الظَّهْرُ، كَالدَّابَّةِ الْحَامِلَةِ لِلْأَثْقَالِ، وَلِأَنَّهُ أَيْضًا هُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ بَاطِنِهَا. فَإِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً: تَوَعُّدٌ لِلْمُكَذِّبِينَ، أَيْ فَيُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ.


(١) سورة الروم: ٣٠/ ٩.
(٢) سورة النحل: ١٦/ ٦١.
(٣) سورة النحل: ١٦/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>