للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَا كَانَ دَيْدَنًا لِلشَّخْصِ وَخُلُقًا، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَفَلَ بِأَمْرِهِ. وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ الْعَدَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَوْ كُلَّمَا بِسُكُونِ الْوَاوِ، وَخَرَّجَ ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْعَطْفِ عَلَى الْفَاسِقِينَ، وَقَدَّرَهُ: وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الَّذِينَ فَسَقُوا، أَوْ نَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ مِرَارًا كَثِيرَةً. وَخَرَّجَهُ الَمَهْدَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ أَوْ لِلْخُرُوجِ مِنْ كَلَامٍ إِلَى غَيْرِهِ، بِمَنْزِلَةِ أَمْ الْمُنْقَطِعَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بَلْ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا، كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ، لِأُعَاقِبَنَّكَ، فَيَقُولُ لَهُ: أَوْ يُحْسِنُ اللَّهُ رَأْيَكَ، أَيْ بَلْ يُحْسِنُ الله رَأْيَكَ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ هُوَ عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ، إِذْ يَكُونُ أَوْ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ بَلْ.

وَأَنْشَدُوا شَاهِدًا عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى قَوْلَ الشَّاعِرِ:

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى ... وصورتها أَوْ أَنْتَ فِي الْعَيْنِ أَمْلَحُ

وقد جاءت أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ:

مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سَافِعِ وَقَوْلِهِ:

صُدُورُ رِمَاحٍ أُشْرِعَتْ أَوْ سَلَاسِلُ يُرِيدُ: وَشَافِعٌ وَسَلَاسِلُ.

وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ: فِي قَوْلِهِ خَطِيئَةً، أَوْ إثما، أن المعنى: وإثما فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُخَرَّجَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ عَلَى أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ: أو كلما عُوهِدُوا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ تُخَالِفُ رَسْمَ الْمُصْحَفِ. وَانْتِصَابُ عَهْدًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ الصدر، أَيْ مُعَاهَدَةً، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ عَلَى تَضْمِينِ عَاهَدَ مَعْنَى: أَعْطَى، أَيْ أعطوا عهدا. وقرىء: عَهِدُوا، فَيَكُونُ عَهْدًا مَصْدَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. مَا الْمُرَادُ بِالْعَهْدِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. نَبَذَهُ:

طَرَحَهُ، أَوْ نَقَضَهُ، أَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ، أَوِ اعْتَزَلَهُ، أَوْ رَمَاهُ. أَقْوَالٌ خَمْسَةٌ، وَهِيَ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى. وَنِسْبَةُ النَّبْذِ إِلَى الْعَهْدِ مَجَازٌ، لِأَنَّ الْعَهْدَ مَعْنًى، وَالنَّبْذَ حَقِيقَةٌ، إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَجَسِّدَاتِ: فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ «١» ، إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا

«٢» ، فَنَبَذَ خَاتَمَهُ، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ، لَنُبِذَ بِالْعَراءِ «٣» .

فَرِيقٌ مِنْهُمْ: الْفَرِيقُ اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ، يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وقرأ


(١) سورة القصص: ٢٨/ ٤٠.
(٢) سورة مريم: ١٩/ ١٦. [.....]
(٣) سورة القلم: ٦٨/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>