وَالرُّبَاعِيُّ لَازِمٌ، نَحْوُ: كَبَيْتُ الرجل وأكب، وقشغت الريح السحاب، وقشع هو: أَيْ دَخَلَا فِي الْكَبِّ وَالْقَشْعِ. قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ:
لَعَمْرِي لَئِنْ أَنَزَفْتُمْ أَوْ صَحَوْتُمْ ... لَبِئْسَ النَّدَامَى كنتم آل أبجرا
وَنَزُفَ الشَّارِبُ، بِضَمِّ الزَّايِ، وَيُقَالُ: نُزِفَ الْمَطْعُونُ: ذَهَبَ دمه كله، مبينا لِلْمَفْعُولِ، وَنُزِحَتِ الرَّكِيَّةُ حَتَّى نَزْفَتُهَا: لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَاءٌ، وَيُقَالُ: أَنْزَفَ الرَّجُلُ بَعْدَ شَرَابِهِ، فَأَنْزَفَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ سَكِرَ وَنَفِدَ. الْبَيْضُ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، الْوَاحِدُ بَيْضَةٌ، وَسُمِّي بِذَلِكَ لِبَيَاضِهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى بُيُوضٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بِتَيْهَاءَ قَفْرٍ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا ... قَطَا الْحُزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا
الزَّقُّومُ: شَجَرَةٌ مَسْمُومَةٌ لَهَا لَبَنٌ، إِنْ مَسَّ جِسْمَ إِنْسَانٍ تَوَرَّمَ وَمَاتَ مِنْهُ فِي أَغْلَبِ الْأَمْرِ، تَنْبُتُ فِي الْبِلَادِ الْمُجْدِبَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِلصَّحْرَاءِ. وَالتَّزَقُّمُ: الْبَلْعُ عَلَى شِدَّةٍ وَجَهْدٍ. شَابَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يَشُوبُهُ شَوْبًا: خَلَطَهُ وَمَزَجَهُ. رَاغَ يَرُوغُ: مَالَ فِي خُفْيَةٍ مِنْ رَوْغَةِ الثَّعْلَبِ. زَفَّ:
أَسْرَعَ، وَأَزَفَّ: دَخَلَ فِي الزَّفِيفِ، فَهَمْزَتُهُ بِهِ لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ، وَأَزَفَّهُ: حَمَلَهُ عَلَى الزَّفِيفِ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ الْفَرَزْدَقُ:
فجاء فربع الشَّوْلِ قَبْلَ إِفَالِهَا ... يَزِفُّ وَجَاءَتْ خَلْفَهُ وَهِيَ زُفَّفُ
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا، فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ، رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ، إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ، وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ، لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ، دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ، إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَمُنَاسَبَةُ أَوَّلِهَا لِآخِرِ يس أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْمَعَادَ وَقُدْرَتَهُ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَأَنَّهُ هُوَ مُنْشِئُهُمْ، وَإِذَا تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُهُ بِشَيْءٍ، كَانَ ذَكَرَ تَعَالَى وَحْدَانِيَّتَهُ، إِذْ لَا يَتِمُّ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِرَادَةُ وُجُودًا وَعَدَمًا إِلَّا بِكَوْنِ الْمُرِيدِ وَاحِدًا، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا «١» .
وَأَقْسَمَ تَعَالَى بِأَشْيَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَقَالَ: وَالصَّافَّاتِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَسْرُوقٌ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ، تُصَفُّ فِي السَّمَاءِ فِي الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ صُفُوفًا وَقِيلَ: تَصِفُّ أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ وَاقِفَةً مُنْتَظِرَةً لِأَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَنْ يُصَفُّ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ
(١) سورة الأنبياء: ٢١/ ٢٢.