للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ «١» ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ «٢» ، وَلَعَلَّهُمْ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ التَّكْلِيفِ.

فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَالْكَأَسُ: مَا كَانَ مِنَ الزُّجَاجَةِ فِيهِ خَمْرٌ أَوْ نَحْوُهُ مِنَ الْأَنْبِذَةِ، وَلَا يُسَمَّى كَأْسًا إِلَّا وَفِيهِ ذَلِكَ. وَقَدْ سَمَّى الْخَمْرَ نَفْسَهَا كَأْسًا، تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاسْمِ مَحَلِّهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَكَأْسٍ شَرِبْتُ عَلَى لَذَّةٍ ... وَأُخْرَى تَدَاوَيْتُ مِنْهَا بِهَا

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَالْأَخْفَشُ: كُلُّ كَأْسٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ خَمْرٌ. وَقِيلَ: الْكَأْسُ هَيْئَةٌ مَخْصُوصَةٌ فِي الْأَوَانِي، وَهُوَ كُلُّ مَا اتَّسَعَ فَمُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِقْبَضٌ، وَلَا يُرَاعَى كَوْنُهُ لِخَمْرٍ أَوْ لَا. مِنْ مَعِينٍ: أَيْ مِنْ شَرَابٍ مَعِينٍ، أَوْ مِنْ ثَمْدٍ مَعِينٍ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَمَا يَجْرِي الماء. وبَيْضاءَ: صِفَةٌ لِلْكَأْسِ أَوْ لِلْخَمْرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: خَمْرُ الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ. وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: صَفْرَاءَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُوَلِّدِينَ:

صَفْرَاءُ لَا تَنْزِلُ الْأَحْزَانُ سَاحَتَهَا ... لَوْ مَسَّهَا حجر مسته سراء

ولَذَّةٍ: صِفَةٌ بِالْمَصْدَرِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، أَوْ على حذف، أَيْ ذَاتِ لَذَّةٍ، أَوْ على تأنيث لذ بِمَعْنَى لَذِيذٍ. لَا فِيها غَوْلٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ: هُوَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ زَيْدٍ: وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ. انْتَهَى. وَالِاسْمُ يَشْمَلُ أَنْوَاعَ الْفَسَادِ النَّاشِئَةَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، فَيَنْتَفِي جَمِيعُهَا مِنْ مَغَصٍ، وَصُدَاعٍ، وَخِمَارٍ، وَعَرْبَدَةٍ، وَلَغْوٍ، وَتَأْثِيمٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ السُّكْرُ أَعْظَمَ مَفَاسِدِهَا، أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ فَقَالَ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ. وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ، وَالْعَرَبِيَّانِ: بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ هُنَا، وَفِي الْوَاقِعَةِ: وَبِذَهَابِ الْعَقْلِ، فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: بِكَسْرِهَا فِيهِمَا وَعَاصِمٌ:

بِفَتْحِهَا هُنَا وَكَسْرِهَا فِي الْوَاقِعَةِ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَطَلْحَةُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الزَّايِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ زَيْدٍ: قاصِراتُ الطَّرْفِ: قَصَرْنَ الطَّرْفَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، لَا يَمْتَدُّ طَرْفُهُنَّ إِلَى أَجْنَبِيٍّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: عُرُباً «٣» ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ ... مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الْخَدِّ مِنْهَا لَأَثَّرَا

وَالْعَيْنُ: جَمْعُ عَيْنَاءَ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ الْعَيْنِ فِي جَمَالٍ. كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ: شَبَّهَهُنَّ،


(١) سورة الإنسان: ٧٦/ ١٩. [.....]
(٢) سورة الطور: ٥٢/ ٢٤.
(٣) سورة الواقعة: ٥٦/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>