وَخَتَمَ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ تنزيهه عن ما يصفه به الْمُشْرِكُونَ، وَأَضَافَ الرَّبَّ إِلَى نَبِيِّهِ تَشْرِيفًا لَهُ بِإِضَافَتِهِ وَخِطَابِهِ، ثُمَّ إِلَى الْعِزَّةِ، وَهِيَ الْعِزَّةُ الْمَخْلُوقَةُ الْكَائِنَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَرْبُوبَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ: مَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى يُرِيدُ عِزَّتَهُ الَّتِي خُلِقَتْ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: رَبِّ الْعِزَّةِ، فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أُضِيفَ الرَّبُّ إِلَى الْعِزَّةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا، كَأَنَّهُ قِيلَ: ذُو الْعِزَّةِ، كَمَا تَقُولُ: صَاحِبُ صِدْقٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصِّدْقِ. انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِعِزَّةِ اللَّهِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ مَا مِنْ عِزَّةٍ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا وَهُوَ رَبُّهَا وَمَالِكُهَا، لِقَوْلِهِ: وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ «١» .
وَعَنْ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيَكُنْ آخِرُ كَلَامِهِ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ، إِلَى آخِرِ السُّورَةُ.
(١) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٣/ ٢٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute