للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَلَى هَذَا رَأَيْتُ الْعَرَبَ وَأَشْعَارَهُمْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْقِيَامُ خَاصَّةً. جَادَ الْفَرَسُ:

صَارَ رَابِضًا، يَجُودُ جُودَةٌ بِالضَّمِّ، فَهُوَ جَوَادٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ خَيْلٍ جِيَادٍ وَأَجْوَادٍ وَأَجَاوِيدَ.

وَقِيلَ: الطُّوَالُ الْأَعْنَاقِ مِنَ الْجِيدِ، وَهُوَ الْعُنُقُ، إِذْ هِيَ مِنْ صِفَاتِ فَرَاهَتِهَا. وَقِيلَ: الْجِيَادُ جَمْعُ جَوْدٍ، كَثَوْبٍ وَثِيَابٍ. الرَّخَاءُ: اللَّيِّنَةُ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الرَّخَاوَةِ.

وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً مَا لَها مِنْ فَواقٍ، وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ، اصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ، وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لَا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ، إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ، قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ، فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ.

وَما يَنْظُرُ: أَيْ يَنْظُرُ، هؤُلاءِ: إِشَارَةٌ إِلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَالْإِشَارَةُ بِهَؤُلَاءِ مُقَوِّيَةٌ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِأُولَئِكَ هِيَ لِلَّذِينِ يَلُونَهَا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ الْأَحْزَابِ لِاسْتِحْضَارِهِمْ بِالذِّكْرِ، أَوْ لِأَنَّهُمْ كَالْحُضُورِ عِنْدَ اللَّهِ.

انْتَهَى. وَفِيهِ بُعْدٌ، وَهُوَ إِخْبَارٌ مِنْهُ تَعَالَى صَدَّقَهُ الْوُجُودُ. وَالصَّيْحَةُ: مَا نَالَهُمْ مِنْ قَتْلٍ وَأَسْرٍ وَغَلَبَةٍ، كَمَا تَقُولُ صَاحَ فِيهِمُ الدَّهْرُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تَوَعَّدَهُمْ بِصَيْحَةِ الْقِيَامَةِ وَالنَّفْخِ فِي الصُّورِ. وَقِيلَ: بِصَيْحَةٍ يُمْلَكُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا. فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِيهِ الِانْتِظَارُ مِنَ الرَّسُولِ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِيهِمْ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ هُمْ بِمَدْرَجِ عُقُوبَةٍ، وَتَحْتَ أَمْرٍ خَطَرٍ مَا يَنْتَظِرُونَ فِيهِ إِلَّا الْهَلَكَةَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مِنْ فَواقٍ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالسُّلَمِيُّ، وَابْنُ وَثَّابٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَطَلْحَةُ: بِضَمِّهَا، فَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ، كَقَصَاصِ الشِّعْرِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ، وَالسُّدِّيُّ: بِالْفَتْحِ، إِفَاقَةٌ مِنْ أَفَاقَ وَاسْتَرَاحَ، كَجَوَابٍ مِنْ أَجَابَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

مِنْ فَواقٍ: مِنْ تَرْدَادٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ رُجُوعٍ.

عَجِّلْ لَنا قِطَّنا: نَصِيبَنَا مِنَ الْجَنَّةِ لِنَتَنَعَّمَ بِهِ فِي الدُّنْيَا. قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ. وقال أَيْضًا، وَمُجَاهِدٌ: نَصِيبَنَا مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْكَلْبِيُّ: صُحُفَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>