اسْتِفْهَامِيَّةً، وَفِيهَا الْعَائِدُ عَلَى مَا، وَهُوَ لَفْظُ هُنَّ وأنت تَحْقِيرًا لَهَا وَتَعْجِيزًا وَتَضْعِيفًا. وَكَانَ فِيهَا مَنْ سُمِّي تَسْمِيَةَ الْإِنَاثِ، كَالْعُزَّى وَمَنَاةَ وَاللَّاتَ، وَأَضَافَ إِرَادَةَ اللَّهِ الضُّرَّ إِلَى نَفْسِهِ وَالرَّحْمَةَ إِلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ خَوَّفُوهُ مَضَرَّتَهَا، فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُمُ الْإِقْرَارَ بِأَنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ هُوَ اللَّهُ. ثُمَّ اسْتَخْبَرَهُمْ عَنْ أَصْنَامِهِمْ، هَلْ تَدْفَعُ شَرًّا وَتَجْلِبُ خَيْرًا؟ وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كَاشِفَاتُ وَمُمْسِكَاتُ عَلَى الْإِضَافَةِ وَشَيْبَةُ، وَالْأَعْرَجُ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَعِيسَى: بِخِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو بَكْرٍ بِتَنْوِينِهِمَا وَنَصْبِ مَا بَعْدَهُمَا. وَلَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ تَعَالَى كَافِيهِ، وَأَنَّ أَصْنَامَهُمْ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، أَمْرَهُ تَعَالَى أنه يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ حَسْبُهُ، أَيْ كَافِيهِ. وَالْجَوَابُ فِي هَذَا الِاسْتِخْبَارِ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ: لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اسْتَخْبَرَهُمْ فسكتوا. قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهَا.
إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ، اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي مَا كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ مَا كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.
لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْظُمُ عَلَيْهِ عَدَمُ إِيمَانِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، سَلَّاهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، مَصْحُوبًا بِالْحَقِّ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، لِلنَّاسِ: أَيْ لِأَجْلِهِمْ، إِذْ فِيهِ تَكَالِيفُهُمْ. فَمَنِ اهْتَدى: فَثَوَابُ هِدَايَتِهِ إِنَّمَا هُوَ لَهُ، وَمَنْ ضَلَّ: فَعِقَابُ ضَلَالِهِ إِنَّمَا هُوَ عَلَيْهِ، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ: أَيْ فتجبرهم على الإيمان. قتال قَتَادَةُ: بِوَكِيلٍ: بِحَفِيظٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِلنَّاسِ: لِأَجْلِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، لِيُبَشَّرُوا وَيُنْذَرُوا. فَتَقْوَى دَوَاعِيهِمْ إِلَى اخْتِيَارِ الطَّاعَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا حَاجَةَ لِي إِلَى ذَلِكَ، فَأَنَا الْغَنِيُّ. فَمَنِ اخْتَارَ الْهُدَى، فَقَدْ نَفَعَ نَفْسَهُ وَمَنِ اخْتَارَ الضَّلَالَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute