خَالِدِينَ. انْتَهَى. وَقَدَّرَهُ الْمُبَرِّدُ بَعْدَ خَالِدِينَ سَعِدُوا. وَقِيلَ الْجَوَابُ: وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها، عَلَى زِيَادَةِ الْوَاوِ، قِيلَ: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها. وَمَنْ جَعَلَ الْجَوَابَ مَحْذُوفًا، أَوْ جَعَلَهُ: وَقالَ لَهُمْ، عَلَى زِيَادَةِ الْوَاوِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ: وَفُتِحَتْ جُمْلَةً حَالِيَّةً، أَيْ وَقَدْ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا لِقَوْلِهِ: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ «١» . وَنَاسَبَ كَوْنَهَا حَالًا أَنَّ أَبْوَابَ الْأَفْرَاحِ تَكُونُ مُفَتَّحَةً لانتظار من تجيء إِلَيْهَا، بِخِلَافِ أَبْوَابِ السُّجُونِ. وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَحِيَّةً مِنْهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ، وأن كون خَبَرًا بِمَعْنَى السَّلَامَةِ وَالْأَمْنِ. طِبْتُمْ: أَيْ أَعَمَالًا وَمُعْتَقَدًا وَمُسْتَقَرًّا وَجَزَاءً. فَادْخُلُوها خالِدِينَ: أَيْ مُقَدِّرِينَ الْخُلُودَ.
وَقالُوا، أَيِ الدَّاخِلُونَ، الْجَنَّةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ:
أَيْ مَلَّكَنَاهَا نَتَصَرَّفُ فِيهَا كَمَا نَشَاءُ، تَشْبِيهًا بِحَالِ الْوَارِثِ وَتَصَرُّفِهِ فِيمَا يَرِثُهُ. وَقِيلَ: وَرِثُوهَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَهِيَ أَرْضُ الْجَنَّةِ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ هِيَ أَرْضُ الدُّنْيَا، قَالَهُ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَالسُّدِّيُّ. نَتَبَوَّأُ مِنْهَا، حَيْثُ نَشاءُ: أَيْ نَتَّخِذُ أَمْكِنَةً وَمَسَاكِنَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ:
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ: أَيْ بِطَاعَةِ اللَّهِ هَذَا الْأَجْرُ مِنْ كَلَامِ الدَّاخِلِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ: الْخِطَابُ لِلرَّسُولِ حَافِّينَ. قَالَ الْأَخْفَشُ:
وَاحِدُهُمْ حَافٌّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يُفْرَدُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ حَافًّا، إِذِ الْحُفُوفُ:
الْإِحْدَاقُ بِالشَّيْءِ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: مِنْ زَائِدَةٌ، أَيْ حَافِّينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَقِيلَ: هِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ مِنْ بَيْنِهِمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، إِذْ ثَوَابُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مَعْصُومِينَ، يَكُونُ عَلَى حَسَبِ تُفَاضِلِ مَرَاتِبِهِمْ. فَذَلِكَ هُوَ الْقَضَاءُ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ: ضَمِيرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُمْ مِنْ ذَوَاتِ بَيْنَهِمْ الْمُخَاطَبَةُ مِنَ الدَّاخِلِينَ الْجَنَّةَ وَمِنْ خَزَنَتِهَا، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ الْحَافِّينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، إِذْ هُمْ فِي نعم سَرْمَدِيٍّ مَنْجَاةً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ، إِمَّا جَمِيعُ الْعِبَادِ، وَإِمَّا الْمَلَائِكَةُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ. وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عَلَى إِفْضَالِهِ وَقَضَائِهِ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ، وَأُنْزِلَ كُلٌّ مِنَّا منزلة الَّتِي هِيَ حَقُّهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ خَاتِمَةُ الْمَجَالِسِ الْمُجْتَمِعَاتِ فِي الْعِلْمِ.
(١) سورة ص: ٣٨/ ٥٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute