المصحف بغير ألف. وقرىء: ثَمُودَ بِالنَّصْبِ مَمَنُوعًا مِنَ الصَّرْفِ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالْأَعْمَشُ: ثَمُودًا مُنَوَّنَةً مَنْصُوبَةً. وَرَوَى الْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى.
فَهَدَيْناهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ زَيْدٍ: بَيَّنَّا لَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَلَيْسَ الْهُدَى هُنَا بِمَعْنَى الْإِرْشَادِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ، وَتَبِعَهُ الزمخشري: فهديناهم: فذللناهم عَلَى طَرِيقِ الضَّلَالَةِ وَالرُّشْدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ «١» .
فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى: فَاخْتَارُوا الدُّخُولَ فِي الضَّلَالَةِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الرُّشْدِ. فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ مَعْنَى هَدَيْتُهُ: حَصَلَتْ فِيهِ الْهُدَى، الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُكَ: هَدَيْتُهُ فَاهْتَدَى بِمَعْنَى تَحْصِيلِ الْبُغْيَةِ وَحُصُولِهَا؟ كَمَا تَقُولُ: رَدَعْتُهُ فَارْتَدَعَ، فَكَيْفَ سَاغَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الدَّلَالَةِ الْمُجَرَّدَةِ؟ قُلْتُ: لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ مَكَّنَهُمْ وَأَزَاحَ عِلَلَهُمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ عُذْرٌ وَلَا عِلَّةٌ، فَكَأَنَّهُ حَصَّلَ الْبُغْيَةَ فِيهِمْ بِتَحْصِيلِ مَا يُوجِبُهَا وَيَقْتَضِيهَا. انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِزَالِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: دَعَوْنَاهُمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَعْلَمْنَاهُمُ الْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَاسْتَحَبُّوا عِبَارَةٌ عَنْ تَكَسُّبِهِمْ فِي الْعَمَى، وَإِلَّا فَهُوَ بِالِاخْتِرَاعِ لِلَّهِ، وَيَدُلُّكُ عَلَى أَنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى تَكَسُّبِهِمْ قَوْلُهُ: بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. انتهى. والهون: الْهَوَانُ، وُصِفَ الْعَذَابُ بِالْمَصْدَرِ أَوْ أُبَدِلَ مِنْهُ. وَقَرَأَ ابْنُ مِقْسَمٍ: عَذَابُ الْهَوَانِ، بِفَتْحِ الْهَاءِ وَأَلْفٍ بَعْدَ الْوَاوِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ حُجَّةٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بشهادة نبيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفَى بِهِ شَاهِدًا إِلَّا هَذِهِ، لَكَفَى بِهَا حُجَّةً. انْتَهَى، عَلَى عَادَتِهِ فِي سَبِّ أَهْلِ السُّنَّةِ. ثُمَّ ذَكَّرَ قُرَيْشًا بِنَجَاةِ مَنْ آمَنَ وَاتَّقَى. قِيلَ: وَكَانَ مَنْ نَجَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ هُودٌ وَصَالِحٌ مِائَةٌ وَعَشَرَةُ أَنْفُسٍ.
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ، فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ، وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ، فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً
(١) سورة البلد: ٩٠/ ١٠. [.....]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute