وَعِيسَى، وَيَحْيَى، وَالْأَعْمَشُ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِفَتْحِهَا وَوَصَفَ الْمَقَامَ بِالْأَمِينِ، أَيْ يُؤَمَّنُ فِيهِ مِنَ الْغَيْرِ، فَكَأَنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَأْمُونٍ فِيهِ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
الْأَمِينُ، مِنْ قَوْلِكَ: أَمِنَ الرَّجُلُ أَمَانَةً، فَهُوَ أَمِينٌ، وَهُوَ ضِدُّ الْخَائِنِ فَوَصَفَ بِهِ الْمَكَانَ اسْتِعَارَةً، لِأَنَّ الْمَكَانَ الْمُخِيفَ كَانَ يُخَوِّفُ صَاحِبَهُ بِمَا يَلْقَى فِيهِ مِنَ الْمَكَارِهِ. وَتَقَدَّمَ شَرْحُ السُّنْدُسِ وَالْإِسْتَبْرَقِ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: وَإِسْتَبْرَقٍ، جَعَلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا. مُتَقابِلِينَ:
وَصْفٌ لِمَجَالِسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَا يَسْتَدْبِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْمَجَالِسِ. كَذلِكَ: أَيِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِحُورٍ مُنَوَّنًا، وَعِكْرِمَةُ: بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، لِأَنَّ الْعِينَ تُقَسَّمْنَ إِلَى حُورٍ وَغَيْرِ حُورٍ، فَهَؤُلَاءِ مِنْ حُورِ الْعِينِ، لَا مِنْ شَهْلَنَ مَثَلًا. يَدْعُونَ فِيها: أَيِ الْخَدَمَ وَالْمُتَصَرِّفِينَ عَلَيْهِمْ، بِكُلِّ فاكِهَةٍ أَرَادُوا إِحْضَارَهَا لَدَيْهِمْ، آمِنِينَ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالتُّخَمِ.
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: لَا يُذَاقُونَ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنَّ الْمَوْتَةَ الْأُولَى ذَاقُوهَا فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخُلُودِ السَّرْمَدِيِّ، وَتَذْكِيرٌ لَهُمْ بِمُفَارَقَةِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ إِلَى هَذِهِ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ اسْتَثْنَيْتَ الْمَوْتَةَ الْأُولَى الْمَذُوقَةَ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ مِنَ الْمَوْتِ الْمَنْفِيِّ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ الْبَتَّةَ، فَوَضَعَ قَوْلَهُ:
إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى مَوْضِعَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَوْتَةَ الْمَاضِيَةَ مُحَالٌ ذَوْقُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّهُمْ يَذُوقُونَهَا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَدَّرَ قَوْمٌ إِلَّا بِسِوَى، وَضَعَّفَ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَقَدَّرَهَا بِبَعْدِ، وَلَيْسَ تَضْعِيفُهُ بِصَحِيحٍ، بَلْ يَصِحُّ الْمَعْنَى بِسِوَى وَيَتَّسِقُ. وَأَمَّا مَعْنَى الْآيَةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ ذَوْقَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُ لَا يَنَالُهُمْ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الدُّنْيَا. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ: وَوَقاهُمْ، مُشَدَّدًا بِالْقَافِ، وَالضَّمِيرُ فِي يَسَّرْناهُ عَائِدٌ على القرآن وبِلِسانِكَ: بلغتك، وهي لغة لعرب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute