يُسْلِمُونَ، مَرْفُوعًا وَأُبَيٌّ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِحَذْفِ النُّونِ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَنْ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ غَيْرِ الْجَرْمِيِّ، وَبِهَا فِي قَوْلِ الْجَرْمِيِّ وَالْكِسَائِيِّ، وَبِالْخِلَافِ فِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ وَبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ. فَعَلَى قَوْلِ النَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَنْ هُوَ عَطْفُ مَصْدَرٍ مُقَدَّرٍ عَلَى مَصْدَرٍ مُتَوَهَّمٍ، أَيْ يَكُونُ قِتَالٌ أَوْ إِسْلَامٌ، أَيْ أَحَدُ هَذَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي النَّصْبِ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عَيْنًا إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا
وَالرَّفْعِ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى تُقَاتِلُونَهُمْ، أَوْ عَلَى الْقَطْعِ، أَيْ أَوْ هُمْ يُسْلِمُونَ دُونَ قِتَالٍ.
فَإِنْ تُطِيعُوا: أَيْ فِيمَا تُدْعَوْنَ إِلَيْهِ. كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ: أَيْ فِي زَمَانِ الْخُرُوجِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي زَمَانِ الْحُدَيْبِيَةِ. يُعَذِّبْكُمْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرَةِ. لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ: نَفْيُ الْحَرَجِ عَنْ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَوِي الْعَاهَاتِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْغَزْوِ، وَمَعَ ارْتِفَاعِ الْحَرَجِ، فَجَائِزٌ لَهُمُ الْغَزْوُ، وَأَجْرُهُمْ فِيهِ مُضَاعَفٌ، وَالْأَعْرَجُ أَحْرَى بِالصَّبْرِ وَأَنْ لَا يَفِرَّ. وَقَدْ غَزَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ أَعْمَى، فِي بَعْضِ حُرُوبِ الْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُمْسِكُ الرَّايَةَ، فَلَوْ حَضَرَ الْمُسْلِمُونَ، فَالْغَرَضُ مُتَوَجَّهٌ بِحَسَبِ الْوِسْعِ فِي الْغَزْوِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يُدْخِلْهُ وَيُعَذِّبْهُ، بِالْيَاءِ وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْأَعْرَجُ، وَشَيْبَةُ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَنَافِعٌ: بِالنُّونِ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً، وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً، وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً، وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً، وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً، سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا، وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً، هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَالَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ السَّفَرِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute