أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ مَنْصُوبٌ إِلَى السَّمَاءِ، يَسْتَمِعُونَ فِيهِ: أَيْ عَلَيْهِ أَوْ مِنْهُ، إِذْ حُرُوفُ الْجَرِّ قَدْ يَسُدُّ بَعْضُهَا مَسَدَّ بَعْضٍ، وَقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: صَاعِدِينَ فِيهِ، وَمَفْعُولُ يَسْتَمِعُونَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: الْخَبَرُ بِصِحَّةِ مَا يَدَّعُونَهُ، وَقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَا يُوحَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ تَقَدُّمِ هَلَاكِهِ عَلَى هَلَاكِهِمْ وَظَفَرِهِمْ فِي الْعَاقِبَةِ دُونَهُ كَمَا يَزْعُمُونَ. بِسُلْطانٍ مُبِينٍ: أَيْ بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ بِصِدْقِ اسْتِمَاعِهِمْ مستمعهم، أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ، فَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَغْرَمِ الثَّقِيلِ اللام مُثْقَلُونَ، فَاقْتَضَى زُهْدَهُمْ فِي اتِّبَاعِكَ.
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ: أَيِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ: أَيْ يُثْبِتُونَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ شَرْعًا، وَذَلِكَ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ وَتَسْيِيبُ السَّوَائِبِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ سِيَرِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فَهُمْ يَعْلَمُونَ مَتَى يَمُوتُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَتَرَبَّصُونَ بِهِ، وَيَكْتُبُونَ بِمَعْنَى: يَحْكُمُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي أَمْ عِنْدَهُمُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ مَا فِيهِ وَيُخْبِرُونَ. أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً: أَيْ بِكَ وَبِشَرْعِكَ، وَهُوَ كَيْدُهُمْ بِهِ فِي دَارِ النَّدْوَةِ، فَالَّذِينَ كَفَرُوا: أَيْ فَهُمْ، وَأَبْرَزَ الظَّاهِرَ تَنْبِيهًا عَلَى الْعِلَّةِ، أَوِ الَّذِينَ كَفَرُوا عَامٌّ فَيَنْدَرِجُونَ فِيهِ، هُمُ الْمَكِيدُونَ: أَيِ الَّذِينَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ وَبَالُ كَيْدِهِمْ، وَيَحِيقُ بِهِمْ مَكْرُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَسَمَّى غَلَبَتَهُمْ كَيْدًا، إِذْ كَانَتْ عُقُوبَةَ الْكَيْدِ. أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَعْصِمُهُمْ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ فِي صُدُورِ إِهْلَاكِهِمْ، ثُمَّ نَزَّهَ تَعَالَى نَفْسَهُ، عَمَّا يُشْرِكُونَ بِهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ.
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ: كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدِ اقْتَرَحَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا اقْتَرَحَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَوْ رَأَوُا ذَلِكَ عَيَانًا، حَسَبَ اقْتِرَاحِهِمْ، لَبَلَغَ بِهِمْ عُتُوُّهُمْ وَجَهْلُهُمْ أَنْ يُغَالِطُوا أَنْفُسَهُمْ فِيمَا عَايَنُوهُ، وَقَالُوا:
هُوَ سَحَابٌ مَرْكُومٌ، تَرَاكَمَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مُمْطِرُنَا، وَلَيْسَ بِكِسَفٍ سَاقِطٍ لِلْعَذَابِ.
فَذَرْهُمْ: أَمْرُ مُوَادَعَةٍ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: حَتَّى يُلاقُوا وَأَبُو حَيْوَةَ:
حَتَّى يَلْقَوْا، مُضَارِعُ لَقِيَ، يَوْمَهُمُ: أَيْ يَوْمَ مَوْتِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالصَّعْقُ: الْعَذَابُ، أَوْ يَوْمَ بَدْرٍ، لِأَنَّهُمْ عُذِّبُوا فِيهِ، أَوْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَقْوَالٌ، ثَالِثُهَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّ صَعْقَتَهُ تَعُمُّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَصْعَقُونَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَهْلُ مَكَّةَ: فِي قَوْلِ شِبْلِ بْنِ عُبَادَةَ، وَفَتَحَهَا أَهْلُ مَكَّةَ، كَالْجُمْهُورِ فِي قَوْلِ إِسْمَاعِيلَ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ: بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، مِنْ أَصْعَقَ رُبَاعِيًّا.
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا: أَيْ لِهَؤُلَاءِ الظَّلَمَةِ، عَذاباً دُونَ ذلِكَ: أَيْ دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute