للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِحْرَامِ. بَيَّنَ أَنَّهُ يُقْتَدَى بِعُمَرَ، وَأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَبُولِ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ، لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ، لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ.

لِلْفُقَراءِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَالَّذِي مَنَعَ الإبدال من فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْرَجَ رَسُولَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَنَّهُ يَتَرَفَّعُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِالْفَقِيرِ، وَأَنَّ الْإِبْدَالَ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ خِلَافِ الْوَاجِبِ فِي تَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَعَلَا. انْتَهَى. وَإِنَّمَا جَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ:

وَلِذِي الْقُرْبى، لِأَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْمَعْنَى إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ ذُو الْقُرْبَى الْفَقِيرُ. فَالْفَقْرُ شَرْطٌ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَفَسَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى مَذْهَبِهِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَيَرَى أَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ الْقَرَابَةُ، فَيَأْخُذُ ذُو الْقُرْبَى الْغَنِيُّ لِقَرَابَتِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَكُرِّرَتْ لَامُ الْجَرِّ لَمَّا كَانَتِ الْأُولَى مَجْرُورَةً بِاللَّامِ، لِيُبَيِّنَ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ، أَيْ وَلَكِنْ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ. انْتَهَى. ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى الْمُهَاجِرِينَ بِمَا يَقْتَضِي فَقْرَهُمْ وَيُوجِبُ الْإِشْفَاقَ عَلَيْهِمْ. أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ: أَيْ فِي إِيمَانِهِمْ وَجِهَادِهِمْ قَوْلًا وَفِعْلًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ:

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَهُمُ الْأَنْصَارُ، فَيَكُونُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمُ الِاشْتِرَاكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>