للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ. وَالْعِصَمُ جَمْعُ عِصْمَةَ، وَهِيَ سَبَبُ الْبَقَاءِ في الزوجية. وَسْئَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ: أَيْ وَاسْأَلُوا الْكَافِرِينَ مَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَزْوَاجِكُمْ إِذَا فَرُّوا إِلَيْهِمْ، وَلْيَسْئَلُوا: أَيِ الْكُفَّارُ مَا أَنْفَقُوا على أزواجهم إذا فَرُّوا إِلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وَلَمَّا تَقَرَّرَ هَذَا الْحُكْمُ، قَالَتْ قُرَيْشٌ، فِيمَا رُوِيَ: لَا نَرْضَى هَذَا الْحُكْمَ وَلَا نَلْتَزِمُهُ وَلَا نَدْفَعُ لِأَحَدٍ صَدَاقًا، فَنَزَلَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى: وَإِنْ فاتَكُمْ، فَأَمَرَ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْفَعُوا مَنْ فَرَّتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَفَاتَتْ بِنَفْسِهَا إِلَى الْكُفَّارِ وَانْقَلَبَتْ مِنَ الْإِسْلَامِ، مَا كَانَ مَهْرُهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ لِإِيقَاعِ شَيْءٍ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ فَائِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، الْفَائِدَةُ فِيهِ أَنْ لَا يُغَادَرَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَإِنْ قَلَّ وَحَقُرَ، غَيْرُ مُعَوَّضٍ مِنْهُ تَغْلِيظًا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَتَشْدِيدًا فِيهِ. انْتَهَى. وَاللَّاتِي ارْتَدَدْنَ مِنْ نِسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَلَحِقْنَ بِالْكُفَّارِ: أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، زَوْجُ عِيَاضِ بْنِ شَدَّادٍ الْفِهْرِيِّ وَأُخْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، زوج عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعَبْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى، زَوْجُ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي وَأُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ جَرْوَلٍ، زَوْجُ عُمَرَ أَيْضًا. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهُنَّ سِتٌّ، فَذَكَرَ: أُمَّ الْحَكَمِ، وَفَاطِمَةَ بِنْتَ أبي أمية زوج عمر بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَةَ وَذَكَرَ أَنَّ زَوْجَهَا عَمْرُو بْنُ وُدٍّ، وَكُلْثُومَ، وَبِرْوَعَ بِنْتَ عُقْبَةَ كَانَتْ تَحْتَ شَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ، وَهِنْدَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ كَانَتْ تَحْتَ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي، أَعْطَى أَزْوَاجَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهُورَهُنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَعاقَبْتُمْ بِأَلِفٍ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَعْرَجُ وَعِكْرِمَةُ وَحُمَيْدٌ وَأَبُو حَيْوَةَ وَالزَّعْفَرَانِيُّ: بِشَدِّ الْقَافِ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْرَجُ أَيْضًا وَأَبُو حَيْوَةَ أَيْضًا وَالزُّهْرِيُّ أَيْضًا وَابْنُ وَثَّابٍ: بِخِلَافٍ عَنْهُ بِخَفِّ الْقَافِ مَفْتُوحَةً وَمَسْرُوقٌ وَالنَّخَعِيُّ أَيْضًا وَالزُّهْرِيُّ أَيْضًا:

بِكَسْرِهَا وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا: فَأَعْقَبْتُمْ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، يُقَالُ: عَاقَبَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي كَذَا، أَيْ جَاءَ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْقُبُ فِعْلَ الْآخَرِ، وَيُقَالُ: أَعْقَبَ، قال:

وحادرت البلد الحلاد وَلَمْ يَكُنْ ... لِعُقْبَةِ قِدْرِ الْمُسْتَعِيرِينَ يُعْقِبُ

وَعَقَّبَ: أَصَابَ عُقْبَى، وَالتَّعْقِيبُ: غَزْوٌ إِثْرَ غَزْوٍ، وَعَقَبَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مُخَفَّفًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَعَاقَبْتُمْ مِنَ الْعُقْبَةِ، وَهِيَ النَّوْبَةُ. شَبَّهَ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ مِنْ أَدَاءِ هَؤُلَاءِ مُهُورَ نِسَاءِ أُولَئِكَ تَارَةً، وَأُولَئِكَ مُهُورَ نِسَاءِ هَؤُلَاءِ أُخْرَى، بِأَمْرٍ يَتَعَاقَبُونَ فِيهِ، كَمَا يُتَعَاقَبُ فِي الرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْنَاهُ: فَجَاءَتْ عُقْبَتُكُمْ مِنْ أَدَاءِ الْمَهْرِ.

فَآتُوا مَنْ فَاتَتْهُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْكُفَّارِ مِثْلَ مَهْرِهَا مِنْ مَهْرِ الْمُهَاجِرَةِ، وَلَا يُؤْتُوهُ زَوْجَهَا الْكَافِرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>