للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِسْمُ وَالْخَشَبُ مَعْرُوفَانِ. أَسْنَدْتُ ظَهْرِي إِلَى الْحَائِطِ: أَمَلْتُهُ وَأَضَفْتُهُ إِلَيْهِ، وَتَسَانَدَ الْقَوْمُ:

اصْطَفُّوا وَتَقَابَلُوا لِلْقِتَالِ.

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ، اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ، وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ، سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ، هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ، يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، كَانَتْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بن سَلُولَ وَأَتْبَاعِهِ فِيهَا أَقْوَالٌ، فَنَزَلَتْ. وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَذْكُورٌ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ، مِنْ مَضْمُونِهَا: أَنَّ اثْنَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ ازْدَحَمَا عَلَى مَاءٍ، وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَشَجَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَدَعَا الْمَشْجُوجُ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَالشَّاجُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ:

مَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَقَوْلِهِ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَعَنَى الْأَعَزَّ نَفْسَهُ، وَكَلَامًا قَبِيحًا.

فَسَمِعَهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَنَقَلَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ، فَحَلَفَ مَا قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَاتُّهِمَ زَيْدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ إِلَى قَوْلِهِ: لَا يَعْلَمُونَ،

تَصْدِيقًا لِزَيْدٍ وَتَكْذِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>