الضَّحَّاكُ: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ امْرَأَةً أُخْرَى. وَقِيلَ: وَمَنْ يَتَّقِ الْحَرَامَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا إِلَى الْحَلَالِ. وَقِيلَ: مَخْرَجًا مِنَ الشِّدَّةِ إِلَى الرَّخَاءِ. وَقِيلَ: مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ مِنَ الثَّوَابِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا إِلَى الْجَنَّةِ.
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ: أَيْ يُفَوِّضُ أَمْرَهُ إِلَيْهِ، فَهُوَ حَسْبُهُ: أَيْ كَافِيهِ. إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ، قَالَ مَسْرُوقٌ: أَيْ لَا بُدَّ مِنْ نُفُوذِ أَمْرِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتَ أَمْ لَمْ تَتَوَكَّلْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
بَالِغٌ بِالتَّنْوِينِ، أَمْرَهُ بِالنَّصْبِ وحفص وَالْمُفَضَّلُ وَأَبَانٌ وَجَبَلَةُ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَابْنُ مُصَرِّفٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِالْإِضَافَةِ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَيْضًا وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَعِصْمَةُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: بَالِغٌ أَمْرُهُ، رَفَعَ: أَيْ نافذ أمره. والمفضل أَيْضًا: بَالِغًا بِالنَّصْبِ، أَمْرُهُ بِالرَّفْعِ، فَخَرَّجَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنَّ بَالِغًا حَالٌ، وَخَبَرُ إِنَّ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ تُخَرَّجَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَنْصِبُ بِأَنَّ الْجُزْأَيْنِ، كَقَوْلِهِ:
إِذَا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيْلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ ... خُطَاكَ خِفَافًا أَنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا
وَمَنْ رَفَعَ أَمْرَهُ، فَمَفْعُولُ بَالِغٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: بَالِغٌ أَمْرَهُ مَا شَاءَ. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً: أَيْ تَقْدِيرًا وَمِيقَاتًا لَا يَتَعَدَّاهُ، وَهَذِهِ الْجُمَلُ تَحُضُّ عَلَى التَّوَكُّلِ. وَقَرَأَ جَنَاحُ بْنُ حُبَيْشٍ: قَدَرًا بِفَتْحِ الدَّالِ، وَالْجُمْهُورُ بِإِسْكَانِهَا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً، ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً، أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى، لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً.
وَرُوِيَ أَنَّ قَوْمًا، مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَخَلَّادُ بْنُ النُّعْمَانِ، لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ:
وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «١» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا عِدَّةُ مَنْ لَا قُرْءَ لَهَا مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا عِدَّةُ الْحَامِلِ؟ فنزلت
(١) سورة البقرة: ٢/ ٢٢٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute