بِالْيَاءِ مُضَارِعُ أَعْظَمَ وَالْأَعْمَشُ: نُعْظِمُ بِالنُّونِ، خُرُوجًا مِنَ الْغَيْبَةِ لِلتَّكَلُّمِ وَابْنُ مِقْسَمٍ:
بِالْيَاءِ وَالتَّشْدِيدِ مُضَارِعُ عَظَّمَ مُشَدَّدًا.
وَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي أَمْرِ الْمُطَلَّقَاتِ وَأَحْكَامِهِنَّ مِنَ الْعِدَدِ وَغَيْرِهَا، وَكُنْ لَا يُطَلِّقُهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ إِلَّا عَنْ بُغْضٍ لَهُنَّ وَكَرَاهَةٍ، جَاءَ عَقِيبَ بَعْضِ الْجُمَلِ الْأَمْرُ بِالتَّقْوَى مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، مُبْرَزًا فِي صُورَةِ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ، إِذِ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ قَدْ يَنْسُبُ إِلَى مُطَلَّقَتِهِ بَعْضَ مَا يُشِينُهَا بِهِ وَيُنَفِّرُ الْخُطَّابَ عَنْهَا، وَيُوهِمُ أَنَّهُ إِنَّمَا فَارَقَهَا لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا، فَلِذَلِكَ تَكَرَّرَ قَوْلُهُ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فِي الْعَمَلِ بِمَا أَنْزَلَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَحَافَظَ عَلَى الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الضِّرَارِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمُهُ، يُرَتِّبُ لَهُ تَكْفِيرَ السيئات وإعظام الأجر. ومن فِي مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ لِلتَّبْعِيضِ: أَيْ بَعْضُ مَكَانِ سُكْنَاكُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ أَسْكَنَهَا فِي بَعْضِ جَوَانِبِهِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ. ومِنْ وُجْدِكُمْ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: فَقَوْلُهُ: مِنْ وُجْدِكُمْ. قُلْتُ: هُوَ عَطْفُ بَيَانٍ، كَقَوْلِهِ: مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ وَتَفْسِيرٌ لَهُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أَسْكِنُوهُنَّ مَكَانًا مِنْ مَسْكَنِكُمْ مِمَّا تُطِيقُونَهُ، وَالْوُجْدُ:
الْوُسْعُ وَالطَّاقَةُ. انْتَهَى. وَلَا نَعْرِفُ عَطْفَ بَيَانٍ يُعَادُ فِيهِ الْعَامِلُ، إِنَّمَا هَذَا طَرِيقَةُ الْبَدَلِ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ، وَلِذَلِكَ أَعْرَبَهُ أَبُو الْبَقَاءِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مِنْ وُجْدِكُمْ بِضَمِّ الْوَاوِ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَأَبُو حَيْوَةَ: بِفَتْحِهَا والفياض بْنُ غَزَوَانَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ وَيَعْقُوبُ: بِكَسْرِهَا، وَذَكَرَهَا الَمَهْدَوِيُّ عَنِ الْأَعْرَجِ، وَهِيَ لُغَاتٌ ثَلَاثَةٌ بِمَعْنَى: الْوُسْعِ. وَالْوَجْدُ بِالْفَتْحِ، يُسْتَعْمَلُ فِي الْحُزْنِ وَالْغَضَبِ وَالْحُبِّ، وَيُقَالُ: وَجَدْتُ فِي الْمَالِ، وَوَجَدْتُ عَلَى الرَّجُلِ وَجْدًا وَمَوْجِدَةً، وَوَجَدْتُ الضَّالَّةَ وِجْدَانًا وَالْوُجْدُ بِالضَّمِّ: الْغِنَى وَالْقُدْرَةُ، يُقَالُ: افْتَقَرَ الرَّجُلُ بَعْدَ وُجْدٍ. وَأَمَرَ تَعَالَى بِإِسْكَانِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي الَّتِي لَمْ تُبَتَّ. وَأَمَّا الْمَبْتُوتُةُ، فَقَالَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وعطاء والشعبي وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ: لَهَا السُّكْنَى، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَحَمَّادٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ. وَلا تُضآرُّوهُنَّ: وَلَا تَسْتَعْمِلُوا مَعَهُنَّ الضِّرَارَ، لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ فِي الْمَسْكَنِ بِبَعْضِ الْأَسْبَابِ مِنْ إِنْزَالِ مَنْ لا يوافقهن، أو يشغل مَكَانِهِنَّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَضْطَرُّوهُنَّ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute