للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيينه. فما قِيلَ: أَلْفُ دِينَارٍ، وَقِيلَ: أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكُلُّ هَذَا تَحَكُّمٌ. وَبَنِينَ شُهُوداً:

أي حضورا معه بمكة لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ لِغِنَاهُمْ فَهُوَ مُسْتَأْنِسٌ بِهِمْ، أَوْ شُهُودًا: أَيْ رِجَالًا يَشْهَدُونَ مَعَهُ الْمَجَامِعَ وَالْمَحَافِلَ، أَوْ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا يُتَحَاكَمُ فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِهِمْ، فَذُكِرَ مِنْهُمْ: خَالِدٌ وَهِشَامٌ وَعِمَارَةُ، وَقَدْ أَسْلَمُوا وَالْوَلِيدُ وَالْعَاصِي وَقَيْسٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ. قَالَ مُقَاتِلٌ: فَمَا زَالَ الْوَلِيدُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَعْدَ نُزُولِهَا فِي نَقْصٍ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى هَلَكَ.

وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً: أَيْ وَطَّأْتُ وَهَيَّأْتُ وَبَسَطْتُ لَهُ بِسَاطًا حَتَّى أَقَامَ بِبَلْدَتِهِ مُطْمَئِنًّا يُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَسَّعْتُ لَهُ مَا بَيْنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَهَّدْتُ لَهُ الْمَالَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، كَمَا يُمَهَّدُ الْفِرَاشُ. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ: أَيْ عَلَى مَا أَعْطَيْتُهُ مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ. كَلَّا: أَيْ لَيْسَ يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ كُفْرِهِ بِالنِّعَمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إن كان محمدا صَادِقًا فَمَا خُلِقَتِ الْجَنَّةُ إِلَّا لِي.

ثُمَّ يَطْمَعُ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: اسْتِبْعَادٌ لِطَمَعِهِ وَاسْتِنْكَارٌ، أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى مَا أُوتِيَ كَثْرَةً وَسَعَةً، كَلَّا: قَطْعٌ لِرَجَائِهِ وَرَدْعٌ. انْتَهَى. وَطَمَعُهُ فِي الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَبْشَعِهِ وَحُبِّهِ لِلدُّنْيَا. إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً: تَعْلِيلٌ لِلرَّدْعِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ، كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: لِمَ لَا يُزَادُ؟ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ يُعَانِدُ آيَاتِ الْمُنْعِمِ وَكَفَرَ بِذَلِكَ، وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَزِيدَ وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْآيَاتُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَنْعَامِ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُوداً إِلَى آخِرِ مَا آتَاهُ اللَّهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ لِحَدِيثِهِ فِي الْقُرْآنِ وَزَعْمِهِ أَنَّهُ سِحْرٌ.

سَأُرْهِقُهُ: أَيْ سَأُكَلِّفُهُ وَأُعْنِتُهُ بِمَشَقَّةٍ وَعُسْرٍ، صَعُوداً: عَقَبَةً فِي جَهَنَّمَ، كُلَّمَا وُضِعَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْإِنْسَانِ ذَابَ ثُمَّ يَعُودُ، وَالصَّعُودُ فِي اللُّغَةِ: الْعَقَبَةُ الشَّاقَّةُ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ عَنِيدٍ فِي سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ:

رُوِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ حَاجَّ أَبَا جَهْلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي أَمْرِ الْقُرْآنِ وَقَالَ: إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنَاةٌ، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ، فَخَالَفُوهُ وَقَالُوا: هُوَ شِعْرٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِشِعْرٍ، قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ هَزَجَهُ وَبَسِيطَهُ، قَالُوا: فَهُوَ كَاهِنٌ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ، قَالُوا: هُوَ مَجْنُونٌ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْمَجْنُونَ وَخَنْقَهُ، قَالُوا: هُوَ سِحْرٌ، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَيُشْبِهُ أَنَّهُ سِحْرٌ وَيَقُولُ أَقْوَالَ نَفْسِهِ.

وَرُوِيَ هَذَا بِأَلْفَاظٍ غَيْرِ هذا وَيَقْرُبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى،

وَفِيهِ: وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْكَذِبِ؟ فَقَالُوا: فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>